(أديها مية تديك طراوة)
العنوان (أديها مية تديك طراوة) ليس من اختراعي بل هو مثل مصري يؤشر بشكل عام دون الدخول في تفاصيل منشأ هذا المثل إلى أهمية التحفيز في إنجاز الأعمال، وعلى الرغم من بساطة مدلولاته ولهجته الشعبية إلا أنه يلتقي مع نظرية العلاقات الإنسانية في الإدارة.
هذا المثل قريب من الحالة التي يمر بها نجوم النصر وقد اجتمع الجفاف المالي والمعنوي فلا ماء (رواتب) وبالتالي لا طراوة (روح معنوية) والنتائج حتماً سلبية لمثل بيئة العمل تلك ومخرجات الميدان تؤكد سوء التدبير.
تذكرت المثل وأنا أرى فريق النصر جاراً في سلم الدوري للفرق المهددة بالهبوط لدوري الدرجة الأولى في مشهد مؤثر وحزين لكيان جماهيري كبير وذائع الصيت يضم خيرة اللاعبين السعوديين وبطل الدوري في الموسمين الماضيين وقد ألقت ظروفه المالية المتعثرة وطول فترة انتظار اللاعبين لرواتبهم بظلالها الأسود على أداء الفريق.
واللاعبون كما هو واضح من اهتزازهم الفني والذهني يدفعون ثمن بيئة مغبرة عجزت عن توفير مقومات نجاح الأعمال في منظومة عملها أو أنها أضعف من أن ترسم نجاحاً يمتد إلى نجاح آخر وربما أن ما أصابها من نجاح في الموسمين الماضيين بفعل قوى مؤثرة غاب عن المشهد الحالي وانكشف من انكشف.
معروف أن قضية حقوق اللاعبين المالية ورواتبهم غير مفعلة وهناك من يتعامل معها بكل برود غير مدرك للعواقب وربما لا تقع في دائرة الاهتمام كون أن الفكر العامل خارج التغطية العملية الاحترافية.
واللاعبون المحترفون هم موظفون وليسوا هواة ومثلهم مثل بقية المأجورين عليهم واجبات ولهم حقوق وبدون الوفاء بالحقوق ينعكس ذلك سلباً على أداء الواجبات وأي إداري مبتدئ يعرف ذلك.
كما أن اللاعبين المحترفين يعلمون أن العمر الكروي في الملاعب قصير والحريص منهم لمواجهة المستقبل قد برمج مشاريعه في قنوات استثمارية وفق تدفق الرواتب شهرياً وأي خلل في منظومة تدفق الرواتب يربك أعماله ويشوش على أداء وظيفته كلاعب محترف في كرة القدم.
وفي حالة الاحتراف الكروي السعودي لا تأمين صحياً ولا تأمين اجتماعياً يضمن لهم راتباً بعد الاعتزال؛ أي أنهم بعد اعتزالهم أو توقفهم عن الركض في الملاعب لأي سبب سيجدون أنفسهم بلا عمل إلا ما قل منهم يتجه للتدريب أو التحليل الرياضي ويبقى الأهم ما بعد الاعتزال في ادخار واستثمار عوائد احترافه الكرة خلال خدمته في الملاعب.
ونشاط بدني مثل كرة القدم يحتاج إلى صفاء ذهني ليتحقق التوافق الفكري مع العضلي وأي خلل في الاثنين ينعكس سلباً على أداء اللاعبين وحالة النصر يجتمع فيها الاثنان جراء طول معاناتهم المالية التي أربكت العقل والمفاصل.
يبقى القول وقد تعاقب المدربون والحال كما هي ويبقى المتهم الأول فيما آلت إليه أوضاع الفريق غير فني والدوامة التي يعيشها الفريق النصراوي بنجومه المعروفين بمهاراتهم ما هي إلا نتاج سوء العمل.
والوضع لن يستقيم فنياً إلا بتناغم المنظومتين الإدارية والفنية في فرض بيئة عمل صحية توفر أجواء مريحة للاعبين تنعكس على نشاطهم وحضورهم الذهني ومتى ما تم ذلك يمكن الجهر بالأقوال والأفعال تأتي مستجيبة لكل عمل سليم سواء كان الرهان على مسابقة محلية أو آسيوية وغير ذلك أماني وأحلام يقظة.