فكر احتراف المديونين
احتراف على الورق وشبه احتراف مائل بلا أساسات على أرض الواقع يدفع إلى القول بأن هناك أزمة فكر في إدارة الاحتراف، وهنا أقصد الفكر الرياضي وليس (الفكر الإسكاني) المثير للجدل الذي شرعت من أجله الهاشتقات في موقع التواصل الاجتماعي (تويتر).
لقد تندر المتندرون وغاصوا في العمق سخرية بـ(المصطلح السكاني الجديد) وتندرت شريحة ليست قليلة بتداول الرسائل وبالصور بهذا المصطلح عبر الواتس آب أيضا من اكتشاف جديد اختزل الحلول الإسكانية في مشكلة الفكر لدى السعوديين بشهوتهم ذات السقف المرتفع في تفضيل الفلل على الشقق السكنية.
في الرياضة هناك مشكلة ليست في الإسكان، فالملاعب متوافرة وتكمن المشكلة في الفكر الاداري الهاوي والذي أدى إلى هاوية عصفت بالكثير من الأندية الواقعة في مدار الديون نتيجة افتقار من يشرف عليها أيضا إلى الفكر الاحترافي في الادارة.
ونتج عن ذلك نشوء ما هو واقع في رياضتنا من فكر يمكن تسميته فكر احتراف المديونين الذي لا يلتقي مع الأسس المهنية والعلمية في الإدارة الاحترافية ولو في أطرافه، ولو كان هناك على الأقل مس من الاحتراف وحسن التدبير لما تعاظمت ديون الأندية.
والواقع يقول إن خمسة أندية هي النصر والهلال والأهلي والاتحاد والشباب التي تعرف بأندية الطليعة فنياً ومالياً في الكرة السعودية هي ذاتها أكثر من غيرها ممن يعاني من وطأة الديون.
والمعاناة قديمة مع الديون وليست جديدة، فمن أنديتنا من توسل على أبواب رعاية الشباب طلباً للمساعدة للخروج من أزمته المالية ومنها من تجاوز سقف الخمسين مليونا، ومنها دون ذلك ويتجه لبلوغه وربما تجاوزه والبرود في التعامل مع ملف الديون هو سيد الموقف.
والتنظيمات الأخيرة التي انطلقت فكرتها من الرئاسة العامة لرعاية الشباب وتضمنت حلولاً لمواجهة مديونيات الأندية وتلقفها اتحاد كرة القدم فرحاً بوجود فكر مساند داعم له في إدارة شئون كرة القدم يمكن اعتبارها شيئا أفضل من لا شيء.
وهذه التنظيمات جيدة رغم أنها تعاملت مع النتائج دون البحث بعمق في الأسباب التي ربما مردها إلى فكر هاوٍ لم يبلغ محيط الاحتراف في قيادة الأندية إلى بر الأمان المالي والفني أيضا.
وتتلخص التنظيمات ذات الطابع الإجرائي التي سيعمل بها اعتبارا من الموسم المقبل في اعتماد مكتب محاسبي لجميع الأندية الممتازة وتحديد سنة مالية موحدة تنتهي بنهاية شهر يونيو من كل عام.
كما تضمنت ضوابط بمنع الأندية من تسجيل لاعبين أجانب إذا تجاوزت ديونها 50 مليون ريال و40 مليون لتسجيل اللاعبين المحليين بحسب مركز النادي في سلم الدوري خلال السنوات الأربع الأخيرة لمن احتل المراكز الخمسه الأولى.
ويقل المبلغ إلى 25 مليونا و15 مليونا لما دون ذلك حسب الترتيب الرقمي للفريق بالإضافة إلى عقوبات تشدد على مبدأ الإفصاح المالي وهو الغائب حاليا في كل الأندية على حد سواء.
يبقى القول أن تأتي ضوابط متأخرة جدا وإن كانت من تداعيات نتائج خير من ألا تأتي، والخير في هذه الضوابط لن يكون أمرا ملموساً تحصد ثماره ما لم يكن هناك جهة رقابية مؤتمنة على تنفيذها بدقة دون مراعاة خواطر أي رئيس نادٍ.
والأندية الرياضية لدينا رغم وجود اتحاد كرة قدم منتخب يقال إنه (سيد قراراته)، سيبقى في حكم مشلول اليد في القرارات الكبيرة مادام أن الأندية مملوكة للحكومة ولم تتحول بعد إلى شركات مساهمة ذات صفة اعتبارية بمعنى مختصر أن العربة ما زالت أمام الحصان، ولكي يستقيم الوضع مع مضمون الاحتراف الرياضي لابد أن تنتقل العربة إلى الجهة الأخرى.