عبارات معلبة تقود المشهد
نتضرر كثيرًا من عبارات النقد المعلبة، فهي تسري بين أوساط النقاد بسرعة فائقة وتستقر في أذهان الجمهور على أنها حقيقة خلص لها كل النقاد والمحللين والخبراء بالإجماع.
مثال: الكرة السعودية منتخبات وأندية تخسر نتيجة الكرات العرضية العالية، واحدة من العبارات التي يستخدمها المحللون الفنيون ليس لتفسير كيف جاء الهدف، بل لأن سبب ولوجه أنه جاء من كرة عرضية مرسلة من أطراف الملعب أو من ضربة ثابتة، مع أن تلثي أهداف الكرة في ملاعب العالم تأتي بهذه الطريقة، ولا سبيل لتلافيها، ولذا كل المدربين يحثون لاعبيهم على تنفيذ خطة إرسال الكرات العرضية، للحصول منها على أهداف.
يمكن إسداء النصح بتطوير قدرات المدافعين في الرقابة، وقوة التركيز والتوقع، والتوقيت في الارتقاء، لكن لا يمكن منع الأهداف التي تبدأ من طرف الملعب، حتى مع التضييق على اللاعب الذي سيرسل الكرة إلى منطقة الجزاء، والغريب أننا نطالب بتسجيل الأهداف التي تكون في صالح منتخباتنا أو أنديتنا بذات الطريقة، ونغضب حين يتعذر ذلك، وكأننا ننكر أنه من الطبيعي أن نصائح مشابهة قدمت لدفاعات الخصوم بالاستعداد لها.
نحن نقر أن العرضيات سلاح فتاك، مع وجود من يخطط لها وينفذها جيدًا، وأيضًا من يستثمرها، لكننا حين نصاب بسهامها نستنكر، وربما ندخلها في إطار الغباء التكتيكي، أو التبلد الحسي، ونزعم أنه كان بالإمكان تلافي ذلك؟ كثيرًا من التحليل الفني هو وصف لما جرى، وتصور لما كان يجب أن يتم، لكنه في مجمله يظل في إطار التنظير الفني، والأهم أنه لا يعني أكثر من دور يقوم به عدد من أصحاب الخبرات الفنية لإكمال تغطية المباراة.
العبارات النقدية المعلبة، تتسبب عادة في تعطيل الرغبة في القراءة والبحث والتحليل الواقعي، أو الذي لا يستدعي ما استقر عليه بعضهم دون الأخذ في الاعتبار إمكانية خطأ ذلك، أو حدوث تغير فيه، أو عدم تطابقه مع الحالة التي أنتجت ذلك الحكم في حينها.
لنسترجع عباراتنا التي لم تتغير حول: احتراف اللاعبين، وجدولة الدوري والتحكيم، والتعصب والإعلام الرياضي، وأساليب التعاقدات مع اللاعبين والمدربين، والأكاديميات، والمواهب ومباريات الديربي، وتوثيق البطولات، وسباق الجماهيرية، وتأسيس الأندية والنقل التلفزيوني.. إلخ. قائمة طويلة من الأمور التي أنشأنا لها عبارات نقدية نرددها كلنا دون تثبت أو قراءة خاصة، جعل المشهد برمته أسيرًا لها، وبالتالي كان حكمه على كثير منها ناقصًا ومشوهًا.