«شيلوا السباك»
يخرج من عمله، ويتوجَّه إلى سكنه وفي الطريق يتوقَّف عند مطعم "رز بخاري"، ويطلب "حبتين دجاج سفري"، وعندما يدلف شقته المهترئة يجد الرفاق في انتظاره مثل صغار طائر تنتظر من الصباح في العش وصول الطعام.
يقفزون بنشاط منقطع النظير، ويضعون "الصحن" الذي سيكون "طائرًا" بعد دقائق معدودة، وخوفًا عليه من عوامل التعرية، تُفرش "السفرة" فوقه وليس تحته، وهذا عمل خطر لوجود مواد مسرطنة، لكنهم في حال لا يمكنهم فيه استيعاب الخطر القادم من "السفرة"، وبسرعة متناهية ينسفون الطعام نسفًا قبل أن يتناولوا قدحًا من اللبن الرائب، والحقيقة ليس قدحًا، بل "علبة" المصنع، ويتركون الوضع على ما هو عليه حتى يأتي عامل آسيوي في وقت متأخر وبعد أن يخرج من عمله لتنظيف الشقة بمبلغ مالي شهري متفق عليه مسبقًا، وعادةً يتأخرون في السداد، ويبحثون عن أي عذر لإيقاع خصومات عليه، وأسهلها "ما في نظّف كويس".
في المساء، يصطفون كأنهم "حائط صد" أمام شاشة التلفاز لمتابعة مباراة محلية، يجمعهم طقم "السروال والفانيلة"، وتفرِّقهم الميول، وما زال "حرقان" الرز البخاري يفعل الأفاعيل في أجهزتهم الهضمية.
تبدأ المباراة، وتبدأ رحلة "حرقان" جديدة، تهتز معها المشاعر و"الكروش" المتدلية، والظاهر بعضٌ منها، فالملابس أحيانًا لا تكفي الحاجة، وتتقلَّب الآراء والأمزجة بحسب سير الكرة، وقد تنقلب رأسًا على عقب، فالغضب المبكر قد ينقلب فرحًا عارمًا، والعكس بالعكس صحيح، وكل ذلك مرتبط بكرة تدخل المرمى، وأخرى تغادره، وبحسب "نتيجة المباراة" فقط ودون النظر لبقية الأمور، تبدأ رحلة "تقييم المدربين"، وعلى الفور تُفتح الأجهزة الذكية، وتنهال عبارات القدح "ليش ما لعب فلان وليش لعب فلان" وغيرها، وتتحرك معها كرة الثلج فتكبر وتكبر، ويشارك غيرهم معهم من جماهير وإعلام لا يختلفون عنهم في شيء سوى في الحصول على فرصة الكتابة، ولو في صحيفة حائطية، وتتجاوب إدارات الأندية "مع الأسف" بعد أن تتراكم الضغوط عليها، خاصةً إذا كانت "فترة تعثر"، حتى أصبح المدربون لدينا لا ينجحون ولا يفشلون بسبب قدراتهم، بل بسبب الظروف المحيطة،
وقبل أن ينام صاحبنا بعد منتصف الليل، يختم تغريداته بـ "شيلوا السباك"، ثم يستيقظ في الصباح التالي على فرحة عارمة لسببين، الأول إقالة المدرب، والآخر بأنه عبقري قادر على التقييم في كافة المجالات.
الهاء الرابعة
هذا الزمن لا عاد تشره على الناس
ولا تعاتب المخطي لياشفت زله
كثر التشره والعتب يوجع الراس
من طاب لك طب له ومن راح خله