الصندوق الأسود للنادي
الاستقرار واحد مما يشار إليه ضمن جملة عناصر يعتقد البعض منا ضرورتها لحل مشاكل الأندية خاصة تلك التي نزلت من عليائها بحالة سقوط مباشر لا تدرج فيه.
إلا أن الاستقرار الذي يعتقد البعض أنه عنصر، هو في الحقيقة الأساس الذي ترتكز عليه بقية العناصر المطلوب توفرها لحل مشكلة أو تجاوز أزمة أو حتى بناء استراتيجية جديدة.
الاستقرار هو الحالة الكلية لكل المكونات المنشأة للكيان، ويختلف في درجة نفعه بمستوى درجة تحققه، لأن الاستقرار في النادي منظومة تتكامل فإن نقص أحدها أو ضعفه يظهر بشكل أو بآخر على النتائج المتحققة أيًا كانت درجتها.
لكن كيف يكون الاستقرار في النادي؟ أو كيف يمكن تحقيقه؟ أو ما علاماته التي من خلالها نتأكد من أنه موجود؟ أسئلة بديهية لكنها مترابطة ولابد من تسلسل طرحها حتى يمكن معرفة الإجابة على نحو يصبح دليل مشاع يمكن العمل بموجبه واكتشاف الانحراف عن مساره.
في ظني أن استقرار النادي يبدأ من سلامة التنشئة، بمعنى أن يكون كل ما أسس عليه من رؤية ورسالة وأهداف “ضمنيا” واضحة، واعتقاد العاملين بالمنهج راسخ، وعزمهم قوي وقادر على التمسك به، ويملكون الأدوات والآليات لتنفيذه، لكن السؤال هل كل الأندية مازالت مرتبطة بتاريخها من التأسيس إلى مراحله المتعاقبة؟ هذا له أهمية بالغة فهو يمثل المرجعية.
مرجعية النادي هي بمثابة الصندوق الأسود الذي يمكن في حوادث الطيران فتحه لمعرفة ما جرى مما قبل الإقلاع حتى السقوط، النادي بالحفاظ على ذاكرته يمكن أن يحصل على حلول تحقيق الاستقرار الذي هو عبارة عن أسماء وأحداث وأزمنة منذ التأسيس حتى وقت الحاجة لمراجعة هذه الذاكرة.
الذاكرة الجمعية لعشاق النادي المؤلفة من جمهوره ورجاله ومؤرخيه وإعلامه هي المرجعية التي يمكن الاعتماد عليها عند ضرورة تقدير الموقف قبل اتخاذ القرارات ذات العلاقة بالاستقرار الذي هو الأرض التي يقف عليها النادي، الذين يرون في الاستقرار “عنصر” وليس “كل” يعني أنهم يحولون النادي إلى جزر متباعدة، بينما هو الخيط الناظم للعقد، ليس هناك استقرار فني بوجود عدم استقرار إداري ولا قيمة لاستقرارهما دون أن يقفا على اليابسة الأصل “الاستقرار العام”.
عودة النادي إلى حقبة التأسيس وجمع أطرافه، وإحياء ذاكرته من خلال اللقاءات والتشاور والتذكير والاعتراف بالاختلاف واحتواء الخلاف، ومراجعة رؤيته وأهدافه وتجديد ثقافته وخطابه خطوات مهمة لعودة الاستقرار أو تعزيزه إن كان موجوداً.