كورونا
والقطيع الرعاع
غوستاف لوبون، طبيب ومؤرّخ فرنسي مؤلف كتاب “سيكولوجية الجماهير” يقول: “الجماهير تنصهر روحها الفردية داخل جماعة؛ لتصبح روحًا واحدة تخفض من الملكات العقلية والتمايزات الشخصية، والاختلاف فيما بينها بالقناعات والمبادئ فيسهل عليها أن تقوم بتصرفات سلبية لا تستطيع القيام بها إن كانت وحدها، كالجماعات التي تقوم بتحرشات أو عمليات إجرامية”.
مع كل أزمة ينشط في المجتمع أشخاص يتلاعبون بعواطف الجماهير الذين يعانون من قلة الوعي ويسلمون عقولهم لأشخاص يقودونهم إلى الهاوية، ونحن نعيش اليوم في معركة ضد فيروس كورونا، أفرزت لنا مواقع التواصل الاجتماعي تجار شنطة يبيعون الوهم على المتابعين السذج. غوستاف لوبون وصف هؤلاء الجماهير بلقب “القطيع الرعاع”، لأنهم مثل قطيع الحيوانات يسيرون في المرعى خلف الراعي بدون وعي وهم هامشيون وشاذون عن المجتمع.
في الوقت الذي تبذل وزارة الصحة السعودية جهودًا جبارة للوقاية من فيروس كورونا من خلال رسائل توعوية تستند على مراجع علمية، ابتلي مجتمعنا بمتطرفين من الجهتين يعزفون على وتر تدين المجتمع بصوت نشاز. في كلتا الجبهتين تجار شنطة يبحثون عن متابعين سذج يتعاطفون معهم، في الجبهة الأولى من يحاول يسخر من الدين الإسلامي بأن لا القرآن ولا السنة النبوية سوف تحميك من الإصابة بفيروس كورونا، عليك فقط الالتزام بالتعليمات الصحية فقط لا غير. وفي الجبهة الثانية معارضون يرسخون في عقول الجماهير “لا عليك من توجيهات وزارة الصحة، فقط حافظ على قراءة القرآن وحصن نفسك ولن يصيبك أي مكروه والله سوف يحفظك”.
لا يبقى إلا أن أقول:
ديننا الإسلامي الحنيف شجع على أهمية التوكل على الله مع ضرورة الأخذ بالأسباب، يقول تعالي: “وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ”. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: “الالتفات إلى الأسباب، واعتبارها مؤثرة في المسببات شرك في التوحيد، ومحو الأسباب أن تكون أسباباً نقص في العقل والإعراض عن الأسباب المأمور بها قدح في الشرع”.
قال عمر ـ رضي الله عنه: “لا يقعد أحدكم عن طلب الرزق ويقول: اللهم ارزقني، وقد علمتم أن السماء لا تمطر ذهبًا ولا فضة”.
وحتى لا ينتصر الجهل على الوعي يجب أن تلاحق الجهات المعنية المغردين الذين يتلاعبون بالمجتمع من خلال التغريد بالشاذ من الرأي، لأن في هذه الأزمة لكي ننتصر على كورونا نحتاج إلى رفع معدل وعي المجتمع وليس تكريس الجهل.
هنا يتوقف نبض قلمي وألقاك بصـحيفتنا “الرياضية”.. وأنت كما أنت جميل بروحك وشكراً لك...