عصابات السوشال ميديا
بين فترة وأخرى، ينهش ألم الإساءة “التويترية” أحد عتاة التستر على إساءات المغردين، فيئن من وجعه ويشتكي مما أصابه، وينفض غبار التغطية عنهم ويطالب بحماية الناس من أذاهم، وقبل هذا كان ينافح عنهم تحت ذريعة حرية الرأي، أو يبرر إساءاتهم بأنها إما دفاع عن النفس، أو مجرد رأي، أو يفتح صندوق الماضي ويختار منه ما يماثله مما سبق وقيل أو فعل، بقصد تفويت فرصة إدانتهم ورد الحقوق لمن أسيء لهم ولحقهم الضرر.
نحن إذ لم نسئ في تغريدة أو رد على تغريدة، ففي الغالب نعيدها ليقرأها غيرنا، وإذا لم نكن مع ما جاء فيها من إساءة فإننا على أقل تقدير نريد أن نثبت كم هي سيئة، لكننا بذلك نشيعها ونساهم أكثر في انتشارها، أي حديث يدور حول “السوشال” ميديا لا يقصد به الأدوات نفسها، ولا من يستخدمها بل طبيعة الاستخدام وأغراضه، يجب ألا يُذهب إلى تفسيرات الحد من سطوتها أو استعداء لنشطائها، بقدر ما يجب أن ينظر إليه كما النهر الذي يعكر جريانه ما يلقى فيه من مخلفات وقمائم، ومصبات الصرف الصحي وبالتالي فإن حمايته فرض عين.
البعض يعتقد أن ما يجري بين “الكرويين” هو أسوأ ما يمكن أن يتم تناوله عبر “السوشال ميديا”، والحقيقة أن كل مسارات النقاش ومصادر الأخبار “التو يترية” موبوءة، في السياسة والفن والثقافة والشريعة والمجتمع والاقتصاد، الموتورون والببغاوات والمتورمون والمندسون والرويبضة، هم أنفسهم، كلٌ في مجاله، لا فرق إلا في سعة الساحة وقربك أكثر من هذا المسار أو ذاك.
المشكلة أننا نريد أن نعالج مشاكلنا المستجدة بآلياتنا القديمة، نقبل أن يرهب الناس برصاص الكلمات البذيئة، ويغتالون معنويًا بالاتهامات الباطلة في ذممهم وأمانتهم، ونسعى لإفلاتهم من العقوبة بخلق الأعذار وحسن النوايا والجهل، أو بطلب العفو عنهم والتصالح معهم، نحيل بينهم وما تنص عليه مواد نظام مكافحة جرائم المعلوماتية، مع أن هذا يتوافق مع ذاك، فكما يرى مستخدمو “السوشال ميديا” أنهم إنما يمارسون وسائل عصرهم، فعليهم فهم محدداته وشروطه، لا العودة حين يتورطون إلى ما كان قانونًا في عصر مضى أنكروه.
الإنترنت ووسائل الإعلام الاجتماعي وما يسمونه صحافة المواطن، هي وسائل لنقل الخبر والتعبير عن الرأي، يجب ألا تتحول إلى رشاشات كلاشنكوف في أيدي عصابات يخوضون حرب شوارع.