2020-11-14 | 23:18 مقالات

هز الوسط الرياضي

مشاركة الخبر      

انتهى زمن الكتابة الصحفية الساخرة إلا من أحد أعلامها مشعل السديري، لم يعد في الصحافة السعودية أمثال يحيى باجنيد وعبد الله بن بخيت وثامر الميمان، اختفى محمد السحيمي وخلف الحربي، قد يقول قائل: وهل لا يزال هناك صحف حتى تسأل عن غياب كتابها الساخرين، أقول إن السؤال عن الكتاب وليس الصحف.
الكتابة الرياضية لا تخلو من الظرفاء، لكن لم ينته بأحدهم إلى أن يصنف كاتبًا ساخرًا، السخرية في الكتابة الرياضية تقذف بصاحبها في أتون جحيم الغضب، حتى ورقة التوت تتركه ليواجه مصيره، الوسط الرياضي يتحزم لكنه لا يهتز رقصا، بل عصبية وغيظ، الكتابة في الرياضة ليست بالرصاص الذي يمحى بل يصيب فيقتل.
الشاعر والصحفي المصري كامل الشناوي قال عن الساخر الأكبر محمود السعدني: “إن الفرق بين السعدني في الحارة، والسعدني في الصحافة، إنه وهو في الحارة لم يكن له هدف من إلقاء الطوب على عباد الله إلا أن يضحك منهم، ويجري... أما في الصحافة فإنه يهدف من إلقاء الطوب إلى تقويم ما يراه معوجًّا، بالأسلوب النابض الساخر الذي يتحدى من يهاجمهم ألا يشعروا باللذة وهم يقعون تحت ضربات قلمه القاسي، كما أنه في الصحافة يلقي الطوب على ضحاياه ولا يجري.
تعددت المنصات التي يمكن عن طريقها الوصول للناس، التلفزيون لا يزال يحتل مكانة في المنزل والمقهى، لكن كديكور في أغلب الأوقات، في حموة نقاش الضيوف على الشاشة سبعة من بين عشرة مشاهدين مشغولون بين رسائل الواتس وتغريدات تويتر، يقطع انشغالهم صوت شجار المتحاورين، فينقسمون بين مشجع لهذا وذاك، دون معرفة بأصل الموضوع، حيث قد قرر جميعهم الاصطفاف مسبقًا مع وضد، نسبة إلى ألوان القمصان التي بدت ظاهرة بوضوح، تحت الثياب الشفيفة للضيوف.
الضيوف وعادة أغلبهم من الصحفيين ليسوا ممن كانوا يرمون الطوب لتقويم المعوج بالمنطق أو حتى العنف أو بالأسلوب الساخر كما كان السعدني بحسب توصيف الشناوي، بل معظمهم محتقنون متوترون جاهزون للترافع عن قضية واحدة كل ما جاء ذكرها أو ما يشير إليها أو يوحي أنها المقصودة، يبدؤون بقذف الطوب ثم يجرون، يختم الشناوي بالأهم من ذلك كله بالقول: “إنه يخطئ من يظن أن السعدني سليط اللسان فقط.. إنه سليط العقل والذكاء أيضًا”، نحن في الغالب نفتقد الثانية على الدوام ونعتبر الأولى جواز مرور لمنصات الإعلام.