المعلومات
في خلاط الرأي
خطأ المعلومة أو نقصها، أقرب نقطة للوصول إلى رأي ضعيف أو خاطئ أو مضلل، عادة يتورط أحدنا في ذلك عن حسن نية، بينما قد نتعمد لسبب أو آخر، في البناء على المعلومة التي ننحاز لها لصحتها في وجهة نظرنا، مع أن المعلومة ليست وجهة نظر أو لقربها مما نتعشمه، والأسوأ حين يكون من باب العناد والمكابرة، أو لنصرة طرف على آخر.
المعلومات الناقصة نفسها الزائدة، كلاهما يحرّف الحقيقة، والمعلومات المتضاربة والمتناقضة، تخلط الأمور بحيث يصبح نقاشها أو الكتابة عنها، مضيعة للوقت والحبر، ومساهمة في التضليل والتدليس، وبالتالي الكذب على الرأي العام، ومظلمة لأطراف القضية، وإصدار الأحكام بشأنها من داخل الرأي، يعني قطع آخر خيطًا يربط بيننا وبين الموضوعية، أو طبيعة وحدود دورنا.
إنصات الموجودين يوهم صاحبه، أن ما يطرحه لائق ومناسب لموضوع النقاش ومحور الحديث، فتنشط ذاكرته بكثير مما يعتقد أنه يصب في صلب الموضوع، بينما هي خليط من نصف معلومة وأخرى خاطئة، تغلف بأعتقد وأظن، تتشابك فيها موضوعات لا علاقة لها بأصل القضية، حالة من سيطرة “زهو المنبر” تصيب رأس صاحبها بالدوار يشعر معها بأنه المعلم الأكبر.
المجتمع الرياضي الساحة الأرحب لمثل هذه النماذج، وإعلامه المنصة التي تئن تحت وطأة هذه الخطيئة، وجميعنا نقع في دائرتها، وإن بنسبٍ متفاوتة، وجيوش “السوشال ميديا” مدانون وضحايا، والبقية يتقلبون بين الرضا والغضب، وكل جهة ترمي على أختها المسؤولية، لكن اللافت أن الجميع متلذذون، ومداومون ليلاً على المتابعة، ووعاظ محتجون في النهار.
غياب المعلومة هي كلمة السر، وضعف الثقافة الحقوقية من أشرع الباب، في “الأولى” نحمل كل جهة يتم الخوض في شؤونها مسؤولية ضبط المسار بدءًا بالشفافية والإيضاح ثم بالتعقيب والتصحيح، وفي “الثانية” ضرورة تفعيل الأنظمة والقوانين، لقطع الطريق على هواة السباحة في الهواء، على حساب تسميم الأجواء، الذي يقتل روح التنافس الشريف، ويغتال معنويًّا الأفراد والكيانات.
خطأ المعلومة يمكن التجاوز عنه عند التصحيح أو الاعتذار، باعتباره زلة لسان أو قلم، لكن دسها لقلب الحقائق وترديدها في كل مناسبة، والارتكاز عليها في النقاش بغرض تكريسها، جريمة أخلاقية وقانونية، والسكوت عند سماعها أو اعتبارها وجهة نظر تخص صاحبها، سقوط مهني ومشاركة في الجرم.