جدلية المجموعة الحديدية
ما إن يصدر جدول بطولة حتى نسارع جميعنا في التعليق عليه، وهذا أمر تفرضه طبيعة الاهتمام عند البعض والتخصص لدى غيرهم، هذا ليس الموضوع إنما حين يأخذ الوصف القطعية التي لا نقاش فيها، كأن نقرر أن مجموعة المنتخب أو النادي “حديدية” والأقوى، وغيرها “سهلة”، ولا يسلم من ذلك حتى جدول الدوري الذي تلعب جميع أنديته في مواجهة بعض ذهابًا وإيابًا، هنا لابد من وقفة.
عند النظر إلى مجموعة المنتخب السعودي في التصفيات النهائية المؤهلة إلى مونديال قطر 2022م، نجدها تكتسب القوة من وجود “المنتخب” نفسه بحيث تجمعت المنتخبات الثلاثة الأقوى “اليابان والسعودية وأستراليا” على حساب الصين وعمان وفيتنام الأقل قوة، ومن ثم فإن الخوف يجب أن يصيب هذه المنتخبات، لا المنتخبات الأقوى التي يفترض أن تنحصر المراكز الثلاثة الأولى بينها.
بمعنى أن كل منتخب من هذه الثلاثة ليس أمامه سوى منتخبين يساوياه فنيًا وتاريخيًا، بينما الثلاثة الأقل قوة أمامها ثلاثة منتخبات قوية ومنتخبان يمكنهما تحديهما، ومن هنا فإن الشعور بـ “قوة” المجموعة دائمًا هو إحساس الأضعف، هذا بعيدًا عمن يستخدم هذه التوصيفات لأغراض تكتيكية، لإعطاء مواجهاته أهمية حين يصف مجموعته بالقوة، وغيرها بالسهلة.
ومع ذلك، فإن أمورًا غير التكافؤ الفني والإمكانات تلعب دورًا في الرغبة في أن تكون ضمن مجموعة دون غيرها في مثل التصفيات الآسيوية، بينها بعد المسافات التي عليك قطعها لمواجهة المنافسين وأيضًا حساسية التنافس مع منتخب بعينه لأي سبب، ومن وجهة نظري أرى أن المنتخب السعودي خسر الأولى وكسب الثانية.
فهو سيعاني السفر إلى اليابان وأستراليا والصين وفيتنام، بما في ذلك من ضرورة قضاء الأسبوع بين الذهاب والعودة وأداء المباريات، كل ذلك في وسط منافسات الدوري، وكسب الثانية حين لن يواجه منتخبات عربية ولا إيران عدا سلطنة عمان، وهي مسألة تعفيه من الدخول في تحديات وضغوط نفسية، ربما تفتح أمورًا بين جمهور هذه المنتخبات أو مسؤوليها أو عناصرها، الجميع في غنى عنها.
عيبنا حين نقرر أن هذه أو تلك مجموعة حديدية أو سهلة، ننسى أو نتناسى عند انقضاء منافساتها أن نقيم ما جرى وإذا ما كان فعلًا كما اعتقدنا كان حقيقة أو توقعًا أو تكتيكًا ومناكفة... إلا أنه يمكن مراجعة تأريخ ذلك لمن أراد من خلال البحث، ومن ثم عقد مقارنة بين ما قيل مع ما صار.