السر
في غرفة الملابس
الاستقرار الفني يبدأ بمعرفة اللاعب أن غرفة الملابس لها تقاليد لا تمس، وثقافة لا تقبل التغيير من أجل أحد، على الجميع أن يعتنقها، أو في الحد الأدنى يتعايش معها.
المنهجية الفنية تصنع من عقل المدرب بعد فحص الأدوات والأسلحة، ومعرفة ما لدى المنافسين، ومرونتها تحتاج لتحضير البدائل الخططية والعناصرية، وأن يتشكل الجميع عمليًا كفريق عمل، يعرف واجباته والتحديات التي يواجهها ويؤمن بحظوظه، ويملك حافز تحقيق أهدافه.
التعرف على الظروف المحيطة بموسم التنافس ككل “جدولها الزمني ـ لوائحها وأنظمتها ـ طريقة عمل لجان التحكيم والانضباط ـ فهم سلوكجية الجمهور والإعلام” وغيرها، يساهم في دعم الفريق “على بصيرة” يختصر بها الوقت، ويحفظ الجهد والمال.
انتهت الجولة الثانية من دوري كأس محمد بن سلمان للمحترفين، 80 % من الأندية تلعب بمجموعة من العناصر الجيدة وبعضها الممتازة، لكنها لا تشكل “فريقًا”، وهويته الفنية بالكاد يتم بها إنجاز مهمة مباراة، ليبدأ المهمة التي تليها بتغيير عناصري وفني وهكذا حتى ينقضي الموسم.
الموسم الذي يليه عناصر وأفكار وأسماء فنية مختلفة، يبحثون عن شيء غير محدد ولا يقيني، يريدون أن يبتسم لهم الحظ ويحققون الهدف، هذا لا يمكن أن يحدث كل مرة، ما لم تصنع فريقًا “فريق عمل” العناصر فيه تسخر لخدمة المنظومة، ومن يديرون شؤونه منكبون على العمل، منفتحون على ما يدور حولهم، مسؤولون لا باحثون عن جماهيرية، أو خائفون وقليلي حيلة.
الاستقرار يعزز من قيمة الفريق الفنية والثقة في عناصره يسهل حفظ أدوارهم وتحركاتهم، والمنهجية تجعل التفاهم الجماعي في أعلى درجاته، تحقق الانسجام الذي يعمل على نشوء لغة فنية مشتركة، كل ذلك يضاعف من الناتج العام الفني والبدني والذهني، يعلم الصبر والانضباط والتعامل مع ضغط التأخر في النتيجة أو تناقص وقت المباراة، وبالتالي ينعكس على عرض الأداء ونتيجته.
غرفة الملابس لا تصنع بين يوم وليلة، هي ثقافة عمل لإدارة عميقة تتناوب على العمل في أروقته وكواليسه، لها امتداد في أجيال النادي، الكل منهم مؤمن بالرسالة ويقاتل لتحقيق الأهداف، تتضرر بدخول الطارئين أو الغرباء، وتقل أهميتها وتضيع هيبتها عندما تعتمد في سياستها على عدم المساواة والوعود الكاذبة.
ثقافة النادي واستراتيجياته، تاريخه في التعامل وسجله البطولي وقائمة نجومه، وصفات رجاله وطبيعة أنصاره، عوامل نشأته وحجمه في مجتمعه.. كل هذه تؤسس لغرفة ملابس تشبهها.