مقاس العدالة تفصيل
يعيش المجتمع الرياضي أزمة ثقة، سببها الصخب الذي يصم الآذان، والصخب سببه تجاوز التنافس حده إلى الخصومة، وتجاوز التنافس أسبابه ارتخاء قبضة النظام، وارتخاء القبضة نتيجة الخوف من ردة الفعل.
الكل يريد العدالة لكن بمقاييسه، العدالة في مأزق البحث عن تعريف جديد لها يتفق مع ما يطلبه المدعون، فهي عندهم ليست تطبيق الأنظمة واللوائح والقانون بل تطابق مع تأويلات أو عاطفة واجتهادات. العدالة بالنسبة لهم أن تساوي بين المذنب والبريء أو تتحمل ما يمكن أن يقوله ويفعله من يخسر القضية!
الذين يطلبون العدالة لا يقصدون الحكم بالحق، ولم يعرف التأريخ قضية لها جمهور وإعلام في قاعة المحكمة يصفق ويصفر ويشوش يضغط يحرض يجيش، إلا في المجتمع الرياضي، ولا أن يتطاول على اللجان القضائية أو يسخر ويتهم ويتطاول إلا في المجتمع الرياضي.
صفان متلاقيان لا مكان لأحد بينهما، في عرفهم الوسطية معيبة والعقلانية جبن والحكمة تردد، احسم أمرك إما معهم أو ضدهم أو أنك على الهامش، احذر فالجميع معهم يدعمهم ضدك لا تصدق من يشتكي لك مما يفعلونه، هذا إما يستخدم التقيا أو خلايا نائمة ما إن يتركانك تجدهما في صفوف الشتامين أو الشامتين، تحت راية القائد الجلاد.
القضايا لها لجان تقاضٍ، لكن لا يكفي أن ينطق بالحكم فيها للتسليم بالأمر، التجارب الماضية علمتنا أن كل الأحكام لم تكن مرضية، وأن الصلح وحده قبل وأرضى غرور المتخاصمين، فهل هذا ما يريده الجميع وإن كانوا متخفين تحت لافتة طبقوا النظام نريد العدالة؟
القضايا الرياضية فقط دون غيرها سوق للقانونيين جيدهم ورديئهم، ففيه الأضواء والجمهور، وعدم الملاحقة النظامية أو القانونية نفسها، وهم أصناف إما مشجعون ينفسون عما في صدورهم بلغة قانونية حتى ولو مكسرة، أو لا علاقة لهم بالرياضة يلتون ويعجنون لكن بلغة قانونية فاخرة، وكلا الصنفين لا يضيف أو يغير شيئًا ودائمًا ما تظهر الأحكام في النهاية مخالفة لما ذهبوا إليه.
اللجان القضائية ومركز التحكيم الرياضي عليهم واجب حماية القانون واحترام الأنظمة واللوائح، ليس من خلال تفعيله بحزم دون النظر فيما تحدثه القرارات من ردة فعل متوقعة فهذا هو ما تفعله، ولكن اصطياد كل المخالفات والتجاوزات التي تتم بعد إصدار قراراتها من طرف الأفراد والكيانات... إن الاستخفاف والتطاول المسكوت عنه تجاه هذه اللجان والعاملين فيها أهم أسباب أزمة الثقة.