الاحتراف الأوروبي
(لا) الهلالي النصراوي
شيء من الخيال ذلك الذي صنعه المنتخب المغربي الشقيق في دوحة قطر، التي تحتضن حاليًا منافسات كأس العالم 2022، عندما تأهل على رأس مجموعته الحديدية إلى الأدوار الإقصائية، ثم أحدث المعجزة عندما أقصى البرتغال بعد إسبانيا ليتأهل عن جدارة واستحقاق إلى نصف نهائي كأس العالم محفوفًا بأمل المضي قدمًا في مشواره صوب لقب اللقب، ولم لا؟ فطموحنا كعرب ارتقى سماءً بفضل ما يقدمه أسود الأطلس من مستويات ونتائج مبهرة، وإن لم يكتب لهم كأس العالم، فما حققوه مبعث فخر واعتزاز.
ولكن كيف انتقل المنتخب المغربي من مجرد مشارك إلى منافس شرس على اللقب العالمي؟ في الواقع إن هناك رابطًا يجمع بين كل المنتخبات التي تشارك بفاعلية وتنافس على لقب كأس العالم سواء أكانت آسيوية أم إفريقية أم لاتينية، وهو أنها جميعها صناعة أوروبية، فتقول الإحصائيات في هذا السياق إن عدد اللاعبين المشاركين في بطولة كأس العالم 2022 من الدوريات الأوروبية الكبرى على النحو التالي: (160) لاعبًا من الدوري الإنجليزي و (84) من الدوري الإسباني و (79) من الدوري الألماني و(68) من الدوري الإيطالي و(57) من الدوري الفرنسي.
والحقيقة أن مخرجات كأس العالم في الشقيقة قطر تقول إن من يريد أن يتطور فعليه باختصار الاحتراف في أوروبا، والحديث لا يقتصر على اللاعبين العرب أو الأفارقة، بل يمتد إلى كل لاعبي كرة القدم في العالم أجمع، بما فيهم أصحاب الموهبة الفطرية البرازيليون أو منافسوهم اللدودون الأرجنتينيون، فهم أيضا يحتاجون إلى الاحتراف في أوروبا لصقل موهبتهم، فأوروبا من خلال صناعة كرة القدم بمفهومها الشامل والتي تعتمد على التكنولوجيا والأجهزة الحديثة وتحليل البيانات والمعرفة والهيكلة وتصل إلى رأس المال الفكري والاستثمارات، هي الوحيدة القادرة على صناعة الأبطال.
إن الرؤية باتت واضحة وجلية الآن، فبكل بساطة وواقعية، إذا ما أردنا أن نتطور كرويًّا يجب أن نسهل عملية احتراف لاعبينا في أوروبا وليس في الهلال والنصر، كما أن زيادة عدد اللاعبين الأجانب ترفع من قيمة الدوري السعودي وجماليته بكل تأكيد، ولكن ليس من قيمة اللاعب السعودي الذي لم يعد يجد له خانة في فريقه، وأكثر واقعية، فإن الاستراتيجيات التي وضعناها خلال السنوات الخمس الماضية لم تقدم لنا مواهب حقيقية، لذلك يجب أن نعيد النظر فيها ونصححها ونوجهها صوب إعداد أجيال تحترف في أوروبا، للحاق بركب المتطورين كرويًّا.