ديربي الزعامة أم الانتقام
في مباراة “الديربي” لا تسأل مَن سيفوز؟ فلا قارئ الكف، ولا العرَّاف، ولا المحلِّل، ولا اللاعبون أنفسهم يملكون الإجابة!
لماذا؟ لأن الكرة في “الديربي” تتحوَّل من جلد منفوخ إلى كائن حي، له قلبٌ ينبض، يحبُّ فريقًا، ويكره خصمه، وله مشاعر “بوجهين”، فقد يميل إلى جماهير الفريق المنتصر ليسعدها، أو ينكِّد على الخاسرين.
لا عليك من كلام رؤساء الأندية، وإداريي الفرق بأن “الديربي” مجرد ثلاث نقاط لا أكثر، وأنها مباراة مثل غيرها من مباريات الدوري.
هؤلاء مَن يتقمَّصون المثالية، لو وُضِعَ جهاز تخطيط القلب على أجسادهم قبل “الديربي”، لخشيت عليهم من توقف نبضهم من شدة الخوف الذي يجري في عروقهم.
يكفي أن كتب التاريخ تفتح صفحاتها، لتدوِّن حكاية المنتصر، وقصة الخاسر، ليقرأها جيلٌ بعد جيل.
ذاكرة المشجع قد تصاب بالزهايمر، وتنسى كثيرًا من المباريات لفريقه، إلا نتائج “الديربي”، تحفظها له أكثر من اسمه، فيتذكَّر كل تفاصيلها، وكأنها سيرته الذاتية، أو شهادة ميلاده.
أسوأ أمر في “الديربي” عندما يأتي عقيمًا، وينتهي بالتعادل السلبي دون ولادة أي هدف.
وما أجمل “الديربي” عندما يكون مثل المرأة الودود الولود، تنجب لك أهدافًا بكل الطرق “ولادة طبيعية سهلة أو قيصرية صعبة” فالمهم أن تهتز شباك المرمى.
في مباراة “الديربي” اليوم ما بين النصر والهلال، كرة القدم لا تعترف بالمنطق والواقع على الورق حول قوة فريق أكثر من خصمه داخل المستطيل الأخضر، فالواقع يختلف عن كل التكهنات.
في الفلسفة، للمنطق خمسة أنواع، هي منطق الحياة، والمنطق العاطفي، ومنطق الجموع، والمنطق الديني، والمنطق العقلي، وأنا في هذه اللحظة سألبس قبعة الفيلسوف، وأضيف نوعًا سادسًا، وهو منطق كرة القدم، فهي لا تؤمن بالمنطق نفسه، ولا تخضع له، والشاهد أن هناك كثيرًا من نتائج مباريات “الديربي” غير منطقية، وانتصر فيها الضعيف على القوي.
لا يبقى إلا أن أقول:
“الديربي” بدأ ساخنًا قبل صافرة الحكم، فدون قصد من الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، أشعل النار في معسكرَي النصر والهلال عندما أعلن اختيار “الزعيم” للمشاركة في بطولة العالم المقبلة للأندية.
لو عدنا للوراء قليلًا لعرفنا كيف أصبح الهلال بطل آسيا، فقد اغتال النصر في ملعبه، لذا يتأرجَّح هذا “الديربي” بين انتقام النصر، وتأكيد زعامة الهلال، فهل تتعافى جراح النصر، أم يتلذذ الهلال بالانتصار مرة أخرى؟!
هنا يتوقف نبض قلمي وألقاك بصحيفتنا الرياضية وأنت كما أنت جميل بروحك وشكرًا.