الإنجاز والخبلان واحتقار القوانين
تختلف رؤيتنا للأحداث باختلاف زاوية الرؤية، كما حدث مع رئيس اتحاد كرة القدم “ياسر المسحل” فقبل نهائي آسيا لمنتخبنا قال “الأرقام المميزة لا تعني شيئًا إن لم تحقق البطولة”، وبعد هزيمة “الهلال أمام ريال مدريد” في نهائي كأس العالم للأندية، قال “قدمتم أداءً مميزًا وحققتم إنجازًا تاريخيًّا”، ما الذي جعله يتخلى عن رأيه “الإنجاز هو تحقيق البطولة”؟
بالتأكيد زاوية رؤيته للمشهدين، وهي نفس الزوايا التي يرى فيها الشارع الرياضي المنقسم على تفسير “هل الهزيمة في النهائي إنجاز أم لا”؟
وقد تكون الرؤية عقلانية، وقد تكون عاطفية تتبدل بتبدل المهزوم.
وعادة ما يحتكم غالبية الجماهير للعاطفة، فإن بدلنا الفريقين سيرى من كان يصف “من لا يرى أن المركز الثاني إنجاز بالخبل”، أن الخبل من يرى الهزيمة إنجازًا، والعكس صحيح.
ولكن ماذا عن رؤية من يحتكم للعقل، هل زاوية الرؤية واحدة؟
أيضًا مختلفة فهناك من يرى أن الهزيمة تظل مهما جملناها مؤلمة، وإن زيفنا حقيقة مشاعرنا.
أنا أحد من يتبنى هذه الرؤية ومنذ زمن بعيد حين كان فريق النصر يشارك بكأس العالم وأمام “ريال مدريد” أيضًا 2000م، فبعد هزيمته وصفها البعض بالمشرفة، فكتبت مقالًا في “الرياضية” بعنوان “الهزائم لا تشرف الوطن”، لاعتقادي أن علينا مواجهة الحقيقة، وألا نزيفها.
وهناك رؤية عقلانية تقول “علينا أن ننظر للجانب المضيء للتجربة”، وأن نراها من زاوية “أنه أول فريق سعودي يحقق الثاني” وبالتالي يعد إنجازًا.
وما يميز العقلانيون أنهم لا يتهمون من يخالفهم الرأي “بالخبل”، لمعرفتهم أن لكل شيء تفسيرين “موضوعي أي الهزيمة بذاتها، وشخصي أي أثرها عليك”، ومن هنا يأتي اختلاف وجهات النظر.
بعيدًا عن ماهية “الإنجاز”، هل لحظتم تعاطي اتحاد ورابطة الدوري الإسباني مع “بطل العالم”، وتعاطي اتحاد ورابطة دورينا مع “الوصيف”؟
طلب نادي الهلال تأجيل مباراته مع الفيحاء التي كانت ستقام في 15ـ2، فضرب بعرض الحائط اللوائح والقوانين التي تحدد شروط تأجيل مباراة، ونفذ طلبه بحجة الاحتفال بالإنجاز.
فيما “بطل العالم ريال مدريد” لعب أمس بالدوري، وسيلعب مع أوساسونا في 18ـ2، ولم تؤجل مبارياته ليحتفل ببطولته.
وربما عدم التأجيل هو من يوضح لنا كيف تصنع الدوريات أبطال العالم؟
فمن أهم صناعة الأبطال احترام القوانين، وألا تكسر وإن حقق نادٍ إنجاز “بطولة العالم”، فتحقيق الإنجاز شيء واحترامك للقوانين شيء لا يمكن المساس به.