دراسة!
أقرأ الدراسات، وأعجب بالمجهود المبذول، لأنها تأخذ وقتًا طويلًا لإعدادها، وتبنى على طرق علمية، وهذا ما يعطينا معلومات دقيقة أو قريبة من الدقة. فكرت في الدراسة التي أستطيع إنجازها، لأقول لمن حولي مستعرضًا معلوماتي: حسب آخر دراسة أنهيتها..، هكذا سأخطف إعجاب المقابل، أو على الأقل يغيّر نظرته عني ولو لمدة، ولا يحسبني ممن يتكلمون دون علم ومعرفة، وأن كل ما أقوله هو (سماعيّات) سوشل ميديا واستراحات!.
عندما حاولت اختيار الموضوع لأجري عليه الدراسة، وجدت أن الأمر سيأخذ وقتًا طويلًا وجهدًا كبيرًا، وهذا ما سيخرجني من منطقة الراحة، لذلك فضّلت أن أجري دراسة عقليّة عن أفضل مهارة تنفع الإنسان، أجريها بنفسي وعن نفسي، مستذكرًا تجارب الأصدقاء والمعارف ومن قرأت قصصهم، شعرت بالسعادة عندما اخترت موضوع الدراسة، لأنها نافعة، وليست مثل دراسات الخواجات التي تدور عن الشاي الأخضر، وعن أفضل لون قميص ترتديه في الصباح! كان شعاري: إما أن تدخل عالم الدراسات وتصبح رقمًا صعبًا وإلا فلا. بدأت رحلة التفكير عن أفضل مهارة تنفع الإنسان، فوجدت أن الإنسان لا ينجح لوجود مهارة عنده بقدر مقدرته على تداركه ما يضعفه، أي أن المهارة تكون في تجنب ما يصبح نقاط ضعف. وعلى طريقة قل لي كم كتاب تقرأ أقول لك من أنت، وكم خطوة تمشي أقول لك كيف هي صحتك، على هذه الطريقة أقول: قل لي عن معدل صبرك أقول لك مستوى إنجازاتك. والتفسير ليس بمدى طول الجهد والصبر على استمراريته، بل في الصبر عند الغضب، لأن كل ما أنجزته قد يطير إن لم تتحل بالصبر في الوقت الذي سينفجر فيه غضبك. سهلة؟ لا طبعًا، فالتحكم بالغضب صفة مهارية لا يتحلى بها إلا القلَة، ووجدت أنها من أقيّم المهارات إذا ما وجدت أو اكتسبت، وإذا افترضنا بأننا لاعبوا كرة قدم، فإن الشخص الحليم عند الغضب في الحياة يمثل مهاريًا مثل مارادونا وميسي وزين الدين زيدان في كرة القدم. أما الداعي الذي جعلني أختار الصبر عند الغضب ليس تذّكري لبعض المواقف التي غضبت بها (وجبت العيد) بل لما توصلت له بعد تفكير أن أكثر القرارات الخاطئة والآثار المدمرة لم تنتج عن مستوى عقول ضعيفة، بل عن أشخاص لا يتحكمون بغضبهم، غيّب الغضب دور عقلهم فأصبحوا حينها بلا عقل! والناس الغاضبة تعرف بعد مدة أنها فقدت عقلها أثناء غضبها، لذلك وعند أول فرصة للاعتذار يقولون: والله كنت معصب! بمعنى أنني كنت فاقدًا لعقلي! أي أننا نعلم بأن الغضب يفقدنا القدرة على اتخاذ الموقف السليم ومع ذلك نعيش حالة الغضب، متوهمين حينها بأنها حالة طبيعية أوصلنا لها الطرف المقابل، وبالتالي - نتوهم - أثناء الغضب بأننا على حق! ومن هنا تبدأ الخسائر!