كلام
ويك إند
كلام الويك إند هذه المرة حكاية قرأت ترجمتها وتوقفت عندها كثيرًا، وصرت أتذكرها بين مدة وأخرى، وكيف أن المعروف وإن صغر فإنه يكبر، وإنه يعود لصاحبه بشكل من الأشكال، الحكاية لصاحب مطعم صغير، هبطت عليه ثروة تعادل أرباحه عامًا كاملًا، بدأت قبل 15 عامًا، عندما دخل شاب المطعم وأبلغ صاحب المطعم بأنه لم يتناول شيئًا منذ أمس، وأنه جائع ولا يملك ثمن السندويشة، فما كان من صاحب المطعم إلا أن رحب به وأجلسه على إحدى الطاولات وقدَّم له سندويشة كبيرة وعصيرًا طازجًا، وقام على خدمته مثل التي يقدمها لبقية الزبائن.
عندما أراد الشاب المغادرة قال لصاحب المطعم بأنه سيأتي يومًا لدفع ثمن الوجبة، فقال صاحب المطعم بأن الوجبة هدية ولا ينتظر منه أن يدفع ثمنها. خرج الشاب ليواجه أقداره، وعاد بعد 15 عامًا وهو مالك لشركة تقنية رابحة. عندما دخل المطعم هذه المرة جلس ينظر للمكان فلم يجد صاحب المطعم، فسأل عنه فقالوا إنه لا يأتي إلّا مساءً مدة ساعتين، انتظر الرجل صاحب المطعم عدة ساعات، وما أن وصل حتى ذهب إليه وعانقه، لم يعرفه صاحب المطعم، فطلب الشاب أن يتحدث معه لدقائق، ثم حكى له كيف أنه يحفظ جميله منذ 15 عامًا عندما كان شابًا مفلسًا لا يملك أحيانًا ثمن وجبته، وكيف أنه قدَّم له سندويشة لذيذة وعصيرًا منعشًا وقام على خدمته بأكمل وجه، مع علمه بأنه لن يدفع شيئًا، وأنه وعده بالعودة يومًا لدفع ثمن الوجبة.
ثم أكمل حديثه وروى له كيف تبدلت أحواله عندما غادر البلدة وحصل على وظيفة تعلم منها ما فتح له آفاقًا انتهت بعمل خاص مربح، ثم قال إنه صار يأكل في أغلى المطاعم، لكنه لم يذق طعمًا أشهى من تلك السندويشة التي أكلها عنده، وأنه بقي ممتنًا طوال سنوات لكرمه، وأنه كان يتذكره على أنه الرجل الأكثر كرمًا على وجه الأرض.
أجاب صاحب المطعم بأنه يشكره على قدومه من مدينة بعيدة، لكنه لا يتذكره، لأن مثل هذا الموقف كان يتكرر معه أكثر من مرة في الشهر الواحد. طلب الشاب من صاحب المطعم أن يقبل منه مبلغًا كان يخصصه له كل عام، وأنه آثر أن يتأخر ليصبح المبلغ أكبر، لكنه شعر بأنه تأخر أكثر من اللازم فجاء إليه ليشكره ويسلمه المبلغ. شكر صاحب المطعم الشاب، لكنه قال إنه لا يقبل مالًا على معروف قدمه، ثم اقترح أن يتبرع بالمبلغ لمدرسة الأطفال القريبة، وبذلك يكون المعروف مستمرًا. وافق الشاب على اقتراح صاحب المطعم لكنه لم يكتفِ بالتبرع تلك المرة، وصار يتبرع للمدرسة بين مدة وأخرى. الحكاية بقيت في ذاكرتي، ولا أدري إن كنت قد استفدت من رسالتها استفادة كاملة، أو نصف استفادة، أو علني أستفيد منها يومًا.