زحام جوي!
وتيرة التطور تتسارع، وما سمي بالذكاء الاصطناعي يسبقنا، حتى أن إيلون ماسك وزملاءه طالبوا بوقف تطويره لستة أشهر، لكي لا تبدو الفجوة بين الإنسان وبينه أكبر، وبالمناسبة فإيلون ماسك واحد ممن طوروا chatgbt، بالإضافة لكونه رائد السيارات الكهربائية الحديثة، وصاحب الأقمار الصناعة التي تجوب العالم.
والظاهر أن زمن الثمانينات والتسعينات الميلادية سيبدو بعيدًا وبدائيًا مقابل السنوات القادمة، ولا أعرف ما الذي سيفعله الفلاح عندما تهتم الآلة بكل شؤون الزراعة، من حرث وسقي وحصاد، ولا الرسامون عندما ترسم الماكينات اللوحات، ولا الموظفون بعد أن يكتمل استبدالهم بالتطبيقات، ربما سأتعب وأنا أكتب عما قد يطاله التغيير السريع، لكن العالم تغيّر فعلًا، ليس على جيل الرسائل الورقية، وصور كاميرا كوداك، وشرائط الكاسيت والسي دي، بل حتى على الجيل الذي ولد ليلعب ألعاب الإنترنت، وربما أن chatgbt لمحة مما هو قادم، فـ gbt بدأ يحتل مكانة المكتبات والأبحاث والبرمجة، وبالتالي القراءة والإطلاع والتعلم، والمدرسون في بعض أنحاء العالم اشتكوا من تأثيره على طلابهم، والمؤكد أن الذكاء الاصطناعي سيغير التعليم نفسه، ولا أعرف كيف سيكون شكل المدارس، لكنه لن يكون بالطرق التي نعرفها. لو ركزنا في السيارة الكهربائية وما تحتويه من تقنية لوجدنا أن السيارة عبارة عن جهاز كمبيوتر متحرك، فهو من يرشدك على الطرقات، وينبهك من أي حوادث، ويوقف السيارة إذا ما شعر بالخطر، كل هذا حصل في غضون عشر سنوات، ولن أستغرب إن تواجدت السيارة الطائرة بعد خمسة عشر أو عشرين عامًا، ربما ستكون على شكل (سكوتر) طائر، مثل الذي الذي نشاهده على الشواطئ ويعمل على ضغط الماء، أظنه سيعمل على ضغط الهواء، أو ربما يكون له شكل آخر، وهذا ما سيغير من مفهوم المرور، لأنه سيصبح مرورًا جويًا، وقد لا يكون في الجو ازدحامًا كما هو حاصل في المرور الأرضي، لكنه سيزدحم مع مرور الوقت. آمل أن يكون التغيير في صالح الإنسان، وألّا تتحول أوقاته إلى أوقات جافة، يتخلى فيها عن طبيعته الاجتماعية، فيصبح أصدقاؤه إلكترونيين بدلًا من آدميين، وذكرياته رقمية بدلًا من حكايا الأصحاب وتعابير وجوههم. قد تكون الإجابة أن لكل زمن ناسه الذي تحبه، وتشتاق إليه إذا مضى، مثلما نشتاق نحن إلى زمن طفولتنا وصبانا.
ـ عن الزمن من رواية ساق البامبو لسعود السنعوسي: تمطر سحب الزمن.. تهطل الأمطار على الجدران، تأخذ معها الألوان.. وتبقي لنا النقوش.