الحياة كفاح
والدنيا تؤخذ غلابا
يقول المولى عز وجل (شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم) وهي خصوصية عظيمة للعلم والعلماء حيث قرنهم سبحانه وتعالى بالشهادة والملائكة، كما قال المصطفى عليه الصلاة والسلام (من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله له طريقًا إلى الجنة) ويقولون في الأثر العلم محركًا لمسيرة النهضة وعجلة التغيير وهو مفتاح تحرير العقول من الأوهام والقيود.
فعلى الرغم من أنني دخلت معترك الحياة العملية مبكرًا مع نهاية مرحلة الثانوية، إلا أنني وأنا على رأس العمل أكملت دراستي الجامعية، ثم حصلت على تقاعد مبكر، وقررت العودة لمقاعد الدراسة، فغادرت إلى أمريكا والتحقت بجامعة تشابمان بكاليفورنيا، وهناك واجهت أكبر تحدٍ في حياتي التعليمية، فالعودة إلى الدراسة بعد انقطاع طويل أمر ليس بالسهل، وكما أن أول مادة كانت مع عالم اقتصاد إيراني الأصل اسمه إيسي أديبي، والذي طلب مني ترك الدراسة مبكرًا، مؤكدًا بأنني سوف أواجه صعوبات كبيرة في المراحل التالية، وضرب لي مثلًا بطالب قطري توقف في منتصف الطريق ثم غادر دون أن يكمل.
بواقعية الرجل بقدر ما أحبطني بقدر ما ولد لدي روح التحدي، فبعد استشارة الأصدقاء والأهل قررت مواصلة المشوار وبجهد مضاعف وحرص شديد حتى أنهيت الفصل الأول بنجاح وهو دائمًا الأصعب، وهكذا توالت الفصول الدراسية، وكنت مع نهاية كل فصل أكتب جملة في خطاب بدأت إعداده مع نهاية الفصل الأول وأكملته بنهاية هذه المرحلة الدراسية، وعندها أرسلته للبروفيسور أديبي خلاصة ما قلته فيه (لقد رويت لي قصة لزميل قطري واجه صعوبات علمية ولم يكمل، واليوم لديك قصة أخرى لترويها لطلابك عن طالب سعودي استطاع أن يقهر الظروف وأن يكمل المشوار ويحصل على درجة الماجستير وبتفوق)، فرد بكلمات لمست فيها اعتذارًا لم يفصح به وختمها بمباركة محفوفة بإعجاب لم يقله.
عمومًا مشواري مع العلم لم يتوقف عند هذا الحد، فقبل خمس سنوات التحقت ببرنامج الدكتوراه في قسم علم المعلومات ـ إدارة المعرفة بجامعة الملك عبد العزيز، ويوم أمس الأول تمت مناقشة الرسالة التي عنونتها بـ (دور إدارة المعرفة في تطوير أندية كرة القدم للمحترفين في ضوء رؤية المملكة 2030: نموذج مقترح) ولله الحمد تمت إجازتها ومنحي درجة الدكتوراه، والجميل أن الدراسة مبنية على معطيات رؤية المملكة 2030، كما أنها اكتملت مع إطلاق سمو ولي العهد الأمين مشروع استثمار وتخصيص الأندية الرياضية.