2024-08-09 | 23:40 مقالات

الصين.. والـ 20 عاما

مشاركة الخبر      

كان صعود الصين إلى الصدارة في الألعاب الأولمبية، وخاصة بهدف تصدر جدول الميداليات، نتيجة للتخطيط الاستراتيجي الطويل الأجل والاستثمار في الرياضة. وفيما يلي لمحة تاريخية عن كيفية تحقيق الصين لهذا الهدف:
1. التزام الحكومة والاستثمار:
* التخطيط المركزي: لعبت الحكومة الصينية دورًا محوريًا في استراتيجية تطوير الرياضة. يعمل النظام الرياضي الذي تديره الدولة، والذي تديره الإدارة العامة للرياضة في الصين، على تحديد المواهب ورعايتها منذ سن مبكرة. وكان نظامًا مركزيًا للغاية، مع التركيز على أن رفع راية الوطن من خلال الإنجاز الرياضي الدولي، هي غاية كل الجهود.
* الدعم المالي: تم تخصيص تمويل حكومي ضخم لتطوير الرياضة، وخاصة بعد الأداء الضعيف للصين في أولمبياد سيول عام 1988، وقد زاد هذا الاستثمار بشكل كبير في السنوات التي سبقت أولمبياد بكين عام 2008.
2. تحديد المواهب وتنميتها في وقت مبكر:
* المدارس الرياضية: طورت الصين شبكة واسعة من المدارس الرياضية حيث يتم اختيار الرياضيين الشباب وتدريبهم في رياضات محددة منذ سن مبكرة. تلعب هذه المدارس دورًا فعالاً في تحديد وتطوير الرياضيين الأولمبيين المحتملين.
* التدريب الموجه: بمجرد تحديدهم، يتم تدريب الرياضيين بشكل مكثف في تخصصات محددة، وغالبًا ما يتخصصون في الرياضات التي تتمتع فيها الصين بميزة تنافسية، مثل الجمباز والغوص وتنس الطاولة ورفع الأثقال.
3. الرياضات المستهدفة:
* التركيز الانتقائي: ركزت الصين على التفوق في الرياضات التي توفر فرصًا متعددة للفوز بالميداليات، مثل الجمباز والغوص ورفع الأثقال وكرة الريشة. سمح هذا التركيز الاستراتيجي للصين بجمع عدد كبير من الميداليات في عدد صغير نسبيًا من الرياضات.
* الرياضات الأضعف: استثمرت الصين أيضًا في تلك الرياضات التي لم تكن منافساتها الدولية صعبة وشرسة، مما يزيد فرصة الفوز بالميداليات.
4. استضافة أولمبياد بكين 2008:
* الإنجاز الوطني: كانت استضافة أولمبياد بكين 2008 جزءًا أساسيًا من استراتيجية الصين لتأكيد نفسها كقوة رياضية عالمية. وتضمن التحضير لهذه الألعاب استثمارًا مكثفًا في تطوير الرياضة والبنية الأساسية.
* حصيلة قياسية من الميداليات: كانت أولمبياد بكين لحظة فاصلة بالنسبة للصين، حيث تصدرت جدول الميداليات لأول مرة، وفازت بـ 51 ميدالية ذهبية، وهو ما يمثل زيادة كبيرة عن الألعاب الأولمبية السابقة.
5. نجاح مستمر بعد عام 2008:
* استثمار مستدام: بعد أولمبياد 2008، واصلت الصين الاستثمار بكثافة في برامجها الرياضية. ورغم أنها لم تتصدر جدول الميداليات دائمًا في الألعاب الأولمبية اللاحقة، إلا أنها ظلت قوة مهيمنة، وخاصة في الرياضات التي تفوقت فيها تقليديًا.
* التنويع: بدأت الصين أيضًا في تنويع برامجها الرياضية لتشمل الرياضات التي يهيمن عليها الغرب تقليديًا مثل السباحة وألعاب القوى، مما زاد من فرصها في الفوز بالميداليات.
6. النهج العلمي:
* العلوم والتكنولوجيا الرياضية: تبنت الصين العلوم الرياضية وتقنيات التدريب الحديثة، ودمجت التكنولوجيا المتقدمة والبحث لتحسين أداء الرياضيين. وشمل ذلك الميكانيكا الحيوية والتغذية وعلم النفس والوقاية من الإصابات، والتي لعبت دورًا حاسمًا في تحسين برامج التدريب للرياضيين النخبة.
7. التعاون الدولي:
* المدربون والخبراء الأجانب: سعت الصين أيضًا إلى الحصول على الخبرة من الخارج من خلال توظيف مدربين ومستشارين أجانب في مختلف الرياضات. ساعد هذا الضخ من المعرفة الدولية في تحسين أساليب التدريب واستراتيجيات الأداء.
من خلال الجمع بين هذه العناصر، وبعد 20 سنة من العمل الجاد، حولت الصين نفسها بفعالية إلى قوة رياضية رائدة على الساحة العالمية، بهدف تصدر جدول الميداليات الأولمبية كجزء أساسي من استراتيجيتها الوطنية. وكانت النتائج واضحة في التصنيف العالي المستمر الذي حققته البلاد في الألعاب الأولمبية منذ أوائل العقد الأول من القرن الـ 21.
الهدف من هذه المقالة، هو إدراك أن التخطيط الاستراتيجي للحصول على نخب رياضية يمكنها التغلب على منافسيهم في دول الغرب والشرق، تتطلب قرارًا سياديًا يعلن استراتيجية ذات حصانة، يعمل عليها متخصصون، يكافَئون ويحاسَبون، ولأهداف ستتحقق بعد 15 - 20 عامًا! وبدون ذلك، لا يمكن أن نصل لذلك المستوى الذي يتناسب مع مستوى وسمعة وطننا العظيم.