آسيا تفتح أبوابها للسيد الجديد
حقق الأهلي حلمه وتمنياتنا، حلمه الذي طال انتظاره وتمنياتنا التي لم نشك أنها ستتحقق بأن يبقى الكأس الآسيوي في جدة، نادٍ سعودي من بين ثلاثة وصلوا للأدوار الإقصائية تلعب منافساتها على أرضنا وبين جماهيرنا، فكان الأهلي يوم أن فشل النصر في جعل النهائي أكثر طمأنينة وضمانًا، فكان الأهلي الذي أسقط الهلال أكفأ وأجدر بأن يحقق الكأس، وألا يخذل الجمهور السعودي، وأن يسعد أول ما يسعد جماهيره الوفية جدًا، حافظ به على سمعة مشروعنا الكروي وحماه من المتربصين في الخارج، وقطف أولى ثماره ونثر الورد في طريق من يأتي بعده، فكان خير من مثلنا، وأقوى من ساهم في ترجمة تمنياتنا، فاستحق الثناء والشكر من الجميع.
الأكيد أن النصر كسر جناح النهائي الآسيوي بخسارته الغريبة من كاواساكي الياباني، بعد أن تسبب في أن تسقط فرضية أن النهائي الآسيوي سيكون سعوديًا خالصًا، فيما كان خروج الهلال أو الأهلي أكيدًا بعد أن فرضته احتمالية مواجهتهما في نصف النهائي، وبالتالي لم يعد واردًا أن يكون من المهم أي منهما يبقى أو يستمر من وجهة نظر من طلبوا أن يلتقي ناديان سعوديان في النهائي، لينحصر ذلك في جماهيرهما فقط والتي ابتسمت للأهلي بجدارة واستحقاق.
كانت فرضية ضمان وصول النصر للنهائي الذي «أفسد هذا التصور» مبني على قدرات وإمكانيات الأندية السعودية وتنافسية وتصنيف الدوري السعودي، هذا جعل النصر يتورط في تحمل مسؤولية الخروج أمام عموم المطالبين بوجود ناديين سعوديين في النهائي، ممن يرون أن في ذلك «دعمًا لمشروع تطوير الأندية والدوري» وأمام جمهوره الذي ما كان ليقبل أقل من الوصول للنهائي، فيما لم «يبكِ على الهلال» إلا جمهوره، لعدم تأثير الخروج «ببديله الأهلي» على جوهر فكرة وأهمية وصول ناديين سعوديين للنهائي.
في هذه النسخة الجديدة من دوري أبطال آسيا للنخبة دروس كثيرة، يمكن استخلاصها في:
أولًا: أهمية تحضير الأندية لموسم طويل متعدد ومتنوع الظروف والمتطلبات عند المشاركة التنافسية في دور المجموعات المتزامن مع مباريات مسابقات الموسم، وعند الوصول للأدوار الإقصائية،
ثانيًا: توسيع عدسة المتابعة والمراقبة الفنية للمنافسين شرقًا وغربًا.
ثالثًا: توزيع الاهتمام والجهد واختيار العناصر التي يمكن بها تنفيذ الأفكار.
رابعًا: التأكد من أن الأهداف تتوافق مع الأدوات والقدرات الفنية.
خامسًا: التمسك بالعمل بالاستراتيجية وعدم الذهاب إلى التكتيكات لإرضاء الجمهور، أو الخوف من الإعلام.
في الأخير لا بد من الإشارة إلى بعض زملاء الإعلام الذين يعتقدون أنهم عندما يتبنون موقفًا يومًا ما ويدعون أنه ناتج عن «حرية تعبير وآراء يجب ألا تصادر» كيف أنهم اليوم وحين سنحت لأنديتهم الفرصة عجزوا عن الثبات عليها، فهاههم ينقلبون على كل ذلك ويعودون لذات المطالبات التي رفضوها، وأقصد هنا فيما يتعلق بإظهار «أماني فوز نادٍ غير سعودي على آخر سعودي» لأنه كما كانوا يرون في السابق أن «الكره لا علاقة لها بالوطنية» وأن التشجيع «اختيار حر» فإذا بهم اليوم يعيبون على من «قلدوهم» بل وكانوا هم سبب في زرع مثل هذا الفكر الفاسد، وهو موضوع يحتاج للمرور عليه بشكل موسع وواضح كونه مثبتًا. التهنئة واجبة لكنها صادقة لكل الأهلاويين الذين أنجزوا ما عجز عنه غيرهم، وأهدوا جماهير الكرة السعودية وجماهيرهم ذهب آسيا الذي طال انتظاره.