|


أحمد الحامد⁩
نيكوتين
2019-09-15
لا أعلم كيف وصل العلم إلى كل هذا التقدم والتطور ولم يصل إلى طريقة أو وصفة تخلص الإنسان من الإدمان على التبغ! لا شك أن التبغ هو السم الذي تركه سكان أمريكا الأصليون لهؤلاء الذين احتلوا أراضيهم وأبادوا نسلهم عقابًا للمحتل، وللذين صمتوا عن أفعال المحتل.
ولا يعلم من قُتلوا من السكان الأصليين منذ أيام كريستوفر كولومبوس. إنهم أخذوا ثأرهم أضعافًا مضاعفة حيث يموت أكثر من خمسة ملايين إنسان كل عام بهذا التبغ الذي قدموه بكل حسن نية للسيد كولومبوس كهدية لتعديل مزاج ضيفهم. يقال إن كولومبوس اكتفى بتدخين التبغ لكن الذي حمله وأرسله إلى أوروبا هو بحار فرنسي اسمه "نيكوت" ومن هذا الاسم اشتق اسم النيكوتين! لم يكن يعلم السيد نيكوت أن ما حمله معه إلى شعبه سيصبح المسبب الأول للوفيات في فرنسا، ومن يدري فقد لا يتردد في تصديره إلى العالم كله لو بقي حيًا طالما أنه يدر كل هذا المال مثلما تفعل شركات صناعة التبغ.
لا أعلم متى سيتخلص العالم من هذا الدخان القاتل بعد أن صرف على تسويقه المليارات وأصبح في فترة ما من القرن الماضي سلوكًا عاديًا بل حضاريًا للدرجة التي لم تخلُ صحيفة أو مجلة من إعلان يظهر به المدخن الوسيم وكأنه بطل ومفكر زمانه. لقد أصبح الدخان يعيش بيننا إلى درجة أنه يتواجد في كل مكان، حتى في كتبنا وقصصنا وأفلامنا وأشعارنا. ما زلت أذكر ذلك المقطع الشعري الذي حفظته منذ زمن طويل لفايق عبدالجليل واضعًا دخان السيجارة في وصف بديع
فاني..
وحياتي كلمه تتألم على لساني
بيدينك أنا من صغري
سيجاره.. وروحي دخاني!
لم أعد أحب هذا المقطع الشعري كما كنت، فقد سحره مع كل نوبة سعال تنتاب صدري، أو مع كل دراسة تضيف مرضًا إلى عشرات الأمراض التي يسببها دخان السيد نيكوت. يحكى أن مدخنًا ذهب إلى طبيب يشتكي من آلام في صدره، كشف الطبيب عليه فوجد تأثير السجائر واضحًا، أراد أن يكتشف طريقة جديدة حتى يوقفه عن التدخين، قال له عليك أن تأكل نصف السيجارة أولًا ثم تدخن النصف الآخر، بعد أسبوع عاد المريض الذي أكد للطبيب أنه توقف عن تدخين السجائر. فرح الطبيب على ابتكاره، لكن المريض عاد وقال لكنني لم أتوقف عن أكل السجائر يا دكتور!