|


فهد عافت
قال إيش؟! قال وزّع آيفونات!
2019-09-16
ـ لا أراه إلّا من عجائب الأمور، وأكثرها سخفًا، هذا الاقتراح الذي وصلني من أحدهم بخصوص أمسية الإثنين المقبل في أبوظبي بإذن الله: "ماذا لو أعلنتَ في تويتر يا أستاذ عن تخصيص ثلاثة "آيفونات" كجوائز لمن يحضر الأمسية"!. لا، وكاتب لي: "يا أستاذ"!، "أنت خلّيت فيها أستاذ الله يسعدك؟!"!.
ـ كذلك، لقيتني في الأيام الماضيّة، أتلقّى بحرج يصعب وصفه، رسائل اعتذار من أحبّة يُخبروني فيها بعدم تمكّنهم من حضور الأمسية، وكلّما زاد أحدهم بسرد الظروف المانعة، ازددتُ حَرَجًا وتاهت الرّدود!.
ـ الآن، وفي خلوة مع النفس في ثالوث القهوة والفكرة والكتابة، يمكنني فيما أظنّ لملمة أشياء، وطرحها:
ـ يا أحبّة القلب، ممتنّ أنا لكل هذه المشاعر الجيّاشة، لكنني لا أرى في عدم الرغبة في الحضور، دعك من عدم القدرة، أتحدّث حتى عن عدم الرغبة، وأكتب: لا أرى في ذلك أي عيب أو خطأ أو نقص أو أيّ ما مِن شأنه استدعاء الاعتذار بأي شكل من الأشكال!.
ـ هي أمسية، وأكثر ما يمكنه أن يحز في النفس ويضيق بالصدر، هو شعوري بتجشّم أحدكم مشقّة الحضور!. أذهب عامدًا إلى كلمتي: "تجشّم" و"مشقّة" لإيصال المعنى قدر المستطاع!. أستحلفكم بالله، أنْ لا يشقى أحد منكم بالحضور طالما أنه لا يريد أو لا يقدر. ليس في ذلك أي عيب أو تقصير، هي أمسية!.
ـ سأزيد، وليحفظها من يحفظها للزّمن: يا أحبّتي، أنا حتى حين أموت، لا أتمنّى من غير القريب من المكان القادر على الحضور أن يحضر الصلاة عليّ!. ووصيتي أن لا يُؤجّل أحدكم حفل فرحٍ كان قد أعدّ له ساعةً واحدة!. والجميع بإذن الله مسامح ومعذور ومشكور!. فما بالكم بأمسية؟!.
ـ نعم يُشرفني ويسعدني حضور من يُسعده الحضور ويتمكّن منه دون مشقّة. ونعم أكتب معلنًا عن الموعد زمانًا ومكانًا: التاسعة والنصف مساء الإثنين المقبل في أبو ظبي قاعة فندق ريتز كارلتون بإذن الله، لكن:
ـ الإعلان شيء، والإخبار شيء، والتوسّل شيء آخر تمامًا!.
ـ ما إن يتوسّل شاعر من الجمهور حضور أمسيته، ما إن يحثّ كاتبٌ القرّاء راجيًا الانتباه والتدقيق فيما يكتب، حتى يتم تشويه أحد وجوه التّلقّي!. وكذلك الأمر بالنسبة إلى ملاحقة النّصّ في محاولات الدّفاع عنه أو توضيحه أو إزالة ما يظنّ صاحبه أنه إساءة فهم له!.
ـ مثل هذه الأمور تُربك المشهد، وتُثقل من حركة الفكر، وتُقيّد من حريّة المتلقّي، وتقتل البهجة!، بما لا يخدم الفنون والآداب في شيء. قد يخدم أصحابها، أمّا الفنون والآداب نفسها فلا!.
ـ أمور كثيرة فائضة عن الحدّ، تتراكم فيخيب الرجاء!. كل ما هو فائض عن الحد في الفنون والآداب مُضِرّ، ولا يمكن لشجرة أذيّته أن تُثمر غير النفور!.
ـ حتى إهداء الكتب من قِبَل مؤلّفيها، بهدف مزيد من التسويق الإعلامي لها، ورغبةً في الكتابة عنها، كثيرًا ما يُقيم الخراب نفسه!. يفعل ذلك حتى فيما لو حَسُنَتْ النوايا وأُريد من ورائها خير!.
ـ قال إيش؟! قال: وزّع "آيفونات"!. تخيّل بَسّ، وأنا مندمج في القصيدة، ويقاطعني أحدهم: لحظة يا أخ، هذا الآيفون من غير سمّاعات! "هههههه".