|


د.تركي العواد
حذاء بيتروس وغيبوبة كاريلو
2020-07-12
طاولة النقاش مهما كبرت وترامت أطرافها تبقى عاجزة عن احتواء قضايانا، نصرخ حتى تتقطع أوتارنا ويفقد السمع كل من حولنا. نعتقد أن غبار الضجيج يدفن القضايا ويضيع الحجة. لدينا حكمة قديمة تؤمن بأن الغوغائية تجعل الناس يملون القضايا فيتساوى الحق والباطل، بل إن الأمور قد تنقلب ويصبح الطالب مطلوبًا والظالم مظلومًا إذا استمر الصراخ أمدًا طويلًا.
انقسمنا بسبب قضية حذاء بيتروس بشكل مفزع، فالقضية ليست حذاء، ولكنها قضية النادي الذي ينتمي إليه صاحب الحذاء. لم أتوقع أن يدافع أحد عن لاعب يتفاخر بحذاء كتب عليه اسم محمد ووضع عليه علم المملكة. فالأخطاء تحدث ويكفي معها الاعتذار الصادق. فالعرب قالت “الدية عند الكرام الاعتذار”.
الغريب أن التبرير جاء هذه المرة بشكل رسمي ومن النادي العاصمي الذي تحدث عن القضية بسطحية غريبة وتبسيط لا يليق بالقضية، معتقدًا أنه حسم الجدل وجعل الناس تقبل الزلل، بل أراد تحقيق المكاسب وتحويل اللاعب المشاغب إلى ضحية وأن ما فعله لا يدل على شيء إلا عشقه اللا محدود للمملكة وحبه أن ينادى باسم محمد. وين عايش أنت؟
قبل بيتروس خرجت علينا قضية أخرى عن تدهور حالة لاعب الهلال كاريلو ودخوله العناية المركزة في أحد مستشفيات الرياض. بعد نشر الخبر ضج الناس وانقسموا كما جرت العادة إلى قسمين. فمنهم من طار بالخبر فرحًا وركب عليه الصور والفيديوهات وأخذ يسوقه على أنه حقيقة، ومنهم من أكد أن اللاعب بخير وصحة وسينتظم في التمارين قريبًا. إلى هذه اللحظة لم يقدم من افتعل القضية أي صور أو أدلة تدعم الخبر الحصري الذي نشره، واكتفى بما أحدثه من ضجيج كدليل على صحة الخبر وأن على الهلال نفي الخبر أو إثباته.
هناك العديد من القضايا الجدلية التي تملأ الدنيا وتشغل الناس ثم تموت بعد ظهور قضية أخرى تسحر القلوب والأبصار فنرمى كل ما في يدنا ونتبعها. نعيش في سلسة لا تنتهي من القضايا بعضها حقيقي وبعضها مفتعل وتنتهي دون أن يخرج شخص واحد ليعتذر عن خطئه.
نحن على موعد مع قضايا ملتهبة مع اقتراب مباراة الديربي الحاسم بين الهلال والنصر. الآن فقط ستزداد قيمة الصحافي “المحرج” الذي يستطيع أن يسمعنا صوته النشاز عندما تتداخل الأصوات ويلج الناس.