|


النصر.. نصائح مهاجم الرائد تدعم المدافع الجديد

الرياض ـ إبراهيم الأنصاري 2024.09.03 | 02:39 pm

في مدينة مارسيليا الفرنسية الواقعة جنوب البلاد، التي لا تحتاج سوى إلى جولة بسيطة في شوارعها وأحيائها حتى تكاد تنسى أنك في بلدٍ أوروبي مع وجود عددٍ كبير من المطاعم والمقاهي ومحلّات الألبسة والذهب التي تعود ملكيتها لرجال أعمالٍ ينحدرون من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وفي تلك المدينة يختلف المهاجرون الجزائريون والمغاربة والتونسيون والأتراك والسنغاليون والغينيون على كل شيء سوى عشق نادي المدينة مارسيليا الذي ينشأ أطفال الضاحية الجنوبية على حبه وحلم ارتداء قميصه إلا أن أحد هؤلاء الأطفال تعرض لخيبة أمل كبرى من الفريق المعشوق وهو الفرنسي محمد سيماكان مدافع فريق النصر الأول لكرة القدم الجديد.
عرفت مارسيليا ثاني أكبر المدن الفرنسية أنها المدينة الأوروبية التي فتحت ذراعيها للمهاجرين عبر الحضارات، وكان والدي الطفل محمد سيماكان أحد هؤلاء المهاجرين من أصول غينية قدما إلى المدينة وولد فيها ابنهما الثالث الذي قررا تسميته محمد.
بينما كانت والدته تعمل مسؤولة عن التنظيف وتقديم الطعام في مدرسة ثانوية بالحي، ويعمل والده عاملًا في مجال البناء، أمضى الطفل الصغير طفولته في لعب الكرة في الحي الفقير الذي يحلم أطفاله بالسير على خطى زيدان وبنزيما وبقية أبناء المهاجرين الذين جلبوا المجد للبلد الأوروبي رغم أن أصولهم تعود إلى بلدان أخرى.
في عمر الستة أعوام، وطأت قدما الطفل الصغير ملعب الـ«فيلودروم» قلعة الـ«OM» الكبرى للمرة الأولى، في ذلك المساء، فاز مارسيليا على نيس بقيادة فرانك ريبيري، وسمير نصري ومامادو نيانج، لاعبه المفضل. من ذلك الوقت وقع قلبه في عشق فريق المدينة وبات بفضل أحد مدربيه يحضر بشكل منتظم في المدرجات خلال موسم «2009-2010» الذي توج فيه مارسيليا بلقب الدوري بعد غياب طويل عدة عقود.
يعترف محمد بحبه لفريق مارسيليا بقوله: «لقد كنت أشجع مارسيليا دائمًا منذ أن بدأت لعب كرة القدم».
كان «OM» هو قصة الحب الأولى لجميع أطفال المدينة تقريبًا، بما فيهم محمد الذي انضم لنادي طفولته في سن الـ12 قبل أن يتعرض إلى إصابة قوية كادت تقضي على مسيرته جعلته يترك النادي وفي قلبه غصة كبيرة بسبب العشق الذي يكنه للعملاق الأزرق.
يقول محمد عن تلك الخيبة والمرارة التي شعر بها بعد مغادرة مارسيليا: «لقد قضيت موسمًا أول رائعًا وفزنا بكأس بروفانس لذلك وعدت بأن ذلك سيؤتي ثماره»، ثم في فريق تحت 14 عامًا، أصبت بمرض يسمى «أوسجود ـ شلاتر»، وهو بروز عظمة الساق تحت الركبة أبعدتني عن الملاعب لمدة تسعة أشهر. ويقول: «حتى بعد ذلك، كنت لا أزال أعتقد أن لدي إمكانات حقيقية».
ويضيف: «لأن مارسيليا نادٍ يعرف الجميع أنني معجب به​​​​​​​ لقد كان النادي الأول الذي أحببته،​​​ وفي هذا النادي، ما كان معقدًا في مرحلة ما هو أنه كان علينا اتخاذ خيارات​​​ كان علينا أن نختار بين البقاء أو الرحيل، عندما تكون صغيرًا، هناك أشياء تعمل من أجلها، لدينا جميعًا حلم، أن نصبح محترفين، خاصة عندما نكون من مارسيليا، نريد جميعًا أن نكون محترفين في أولمبيك مارسيليا، لكن عندما نرى أن هناك صعوبات في نقاط معينة، في تلك اللحظة، خطرت لي فكرة حيث قلت لنفسي إنني قدمت الكثير من التضحيات فيما يتعلق بشبابي وقلت لنفسي إذا لم أفعل ذلك أحصل على المكافأة التي أستحقها، وهي أنني اضطررت إلى مغادرة السفينة».
قرر الفتى الصغير مغادرة النادي المعشوق والبحث عن فرصة أخرى وجال البلاد من شرقها وغربها واضطر إلى خوض العديد من التجارب في مختلف الأندية والمدن قبل أن يستقر به المقام في ستراسبورج شرق البلاد التي تبعد أكثر من 804 كم عن مدينة مسقط رأسه مارسيليا.
آمن مسيرو نادي ستراسبورج بإمكانيات الفتى الشاب المتحمس للنجاح واستطاع تجاوز العديد من العقبات خلال الفئات العمرية للنادي حتى مثل الفريق الأول وبات أحد نجومه قبل أن تنهال عليه العروض من الأندية الأوروبية ويظفر نادي لايبزج الألماني بخدماته ومن ثم ينتقل إلى النصر الموسم الجاري.
خلال مشواره الطويل كان إسماعيل بانجورا، لاعب فريق الرائد السابق، الأخ غير الشقيق لمحمد سيماكان الموجّه والمرشد الأول للشاب الصاعد ويدين له بالفضل في توجيهه حتى بات نجمًا لا يشق له غبار في كبرى الدوريات الأوروبية.
يقول محمد عن بانجورا: «نحن نستفسر عن كل شيء معًا، مبارياتي، تمركزي، تمريراتي، عرضياتي، كل شيء يتعلق بأدائي خلال المباريات نحلله سويًا وأسمع منه الانتقادات والإرشادات».
ويعبّر بانجورا الذي خاض تجربة ناجحة في الملاعب السعودية برفقة أحمر بريدة الرائد خلال الفترة من 2016ـ2019 عن موهبة الأخ الأصغر بقوله: «لقد رأيته ينمو لمدة 10 أعوام، أنا أعدّه ابني، قضى شبابه في مارسيليا، خلال العطلات قضينا بعض الوقت معًا، إنه مصدر فخر عندما أرى طفلًا صغيرًا يتطور بهذه الطريقة، أهنئه بشدة، وآمل أن يحظى بمسيرة مهنية جيدة، على أية حال، أمامه مستقبل، إضافة إلى أنه مدافع متعدد الاستخدامات، آمل أن ينضم إلى نادٍ كبير، أعلم أن عددًا لا بأس به من الفرق تتابعه».
خلال الأعوام الماضية حاول الفرنسيون ضم سيماكان إلى منتخب بلادهم الأول بعد أن مثله في الفئات العمرية، لكنه لا يزال حتى الآن يتردد في تمثيل بلده الأم غينيا أو فرنسا يقول عن تلك الحيرة: «بصراحة، هذا سؤال يصعب الإجابة عليه، هناك فرنسا من جهة وغينيا من جهة أخرى، إنهما خياران مختلفان، لكنهما خياران جيدان للغاية ويجب أن أتناولهما في مرحلة ما، لكن في الوقت الحالي، أنا أكثر تركيزًا على فريقي، وأواصل التقدم، هناك جدتي في غينيا، وهناك العديد من أفراد عائلتي هناك، ولدي روابط جيدة جدًا في غينيا، فرنسا وغينيا دولتان مهمتان للغاية بالنسبة لي».
في الرياض لن يبخل بانجورا على أخيه الأصغر بالنصائح عن المهمة التي تنتظره مع أصفر العاصمة وجماهيره التي لا وقت لديها لتحمل هفوات المزيد من المدافعين وضياع البطولات.