الشركات الراعية تدفع الملايين سنوياً إلى الأندية .. والأموال تذهب إلى كرة القدم فقط
في الوقت الذي وقعت فيه غالبية أندية الدرجة الممتازة السعودية عقود رعاية بمبالغ كبيرة لا تزال الألعاب المختلفة في تلك الأندية تعاني شحاً في الموارد المالية، تفضل الأندية التركيز على فريق كرة القدم ومنحه النسبة الأكبر من مبالغ الرعاية حتى وإن كانت تلك العقود تنص على أن تشمل الرعاية جميع ألعاب النادي.
و"الرياضية" سألت عدداً من مسؤولي الأندية عن تلك العقود والأسباب التي تجعل الأندية تقصر ومنها على كرة القدم متجاهلة بقية الألعاب.. وأيضاً عن الطريقة المثالية في صرف هذه المبالغ الكبيرة التي تدخل خزينة النادي، وفي وقت اختلفت فيه الآراء حول الفئة الأكثر استفادة من عقود الرعاية هل هو لنادٍ أم الشركة الراعية كان هناك اتفاق حول أهمية صرف هذه المبالغ بترشيد وعدم إهمال الألعاب المختلفة.. فيما يلي الآراء:
يعتبر عبدالله الهزاع رئيس نادي القادسية توقيع الأندية مع الرعاة المستثمرين لمدة طويلة شيئاً غير صحيح ويقول: "الأندية الجماهيرية ليس في مصلحتها التوقيع لفترة طويلة لأنه من الممكن أن تتوفر لها عروض جديدة أفضل من عرض الراعي الذي التزمت معه بموجب عقد وبنود لمدة طويلة قد تحرمها من مبالغ كبيرة"، ويضيف: "من المفروض أن تشمل الرعاية لجميع ألعاب النادي بحيث يصرف عليها ما نسبته 50 في المائة والنسبة الأخرى تستثمر في شيء ثابت مثل العقار الذي دخله ثابت ومضمون ويشكل 12 في المائة كمدخول سنوي سريع حتى تضمن الأندية مردوداً يعود عليها بالنفع وتستطيع تغطية مصاريفها".
ولفت الهزاع بقوله: لو كان فيه معادلة صحيحة فإن الطرفين مستفيدان للنادي والراعي، وذلك بوجود وتفعيل الرعاية المستغلة للقطاع الرياضي مثل الملابس الرياضية والاتصالات والأجهزة الأخرى التي يحتاج إليها العاملون في الحقل الرياضي حيث يمكن من خلال ذلك توظيف المبالغ بطريقة صحيحة لأنه سيكون عليها طلب كبير".
مما يشدد عضو مجلس إدارة الاتفاق وأمين صندوقه عدنان المعيبد على أن توقيع الأندية لعقود رعاية كبيرة مع شركات خاصة بمثابة إنقاذ لها، ويقول: "تعاقد الأندية مع شركات ترعاها تعد طفرة كبيرة في المجال الرياضي حيث إنها تقدم مبالغ ضخمة للأندية بحيث تسعى إلى توقيع عقود مع مدربين أكفاء والبحث عن محترفين كبار لهم سمعتهم الكروية، وكذلك تشجع الأندية على تطبيق عقود أخرى في دوري المحترفين، فضلاً عن أن عقود الرعاية حفزت اللاعبين على إبرام عقود تضمن بها مستقبلهم الكروي، إنها قناة أساسية لدخول دوري المحترفين وإن كنا نتمنى أن تكون هناك شركات أخرى تقتحم الأندية وتنافس بقوة".
وبين المعيبد أن المستثمر في الرياضة لن يبحث عن كل شيء بقدر ما تكون نظرته موجهة إلى كرة القدم بحكم أنها اللعبة الشعبية الأولى بين الرياضات الأخرى متى ما كان للألعاب الأخرى رعاية مثل اليد والطائرة والسلة فسيصبح لها مركز أساسي في الرياضة السعودية، وأتمنى أن تزيد فرص عقود الرعاية لهذه الألعاب حتى يتخطى مثلاً لاعب اليد حدود المحلية وتصبح شهرته مثل لاعب القدم.
وشدد المعيبد على أن كرة القدم تمثل المحرك الأساسي للاستثمار الرياضي، فالمصروفات التي تقدم إليها تعد أساس الإيرادات، وإذا كان لكل نادٍ خطة لصرف المبالغ فسيضمن إنشاء عدة مشاريع على المدى القريب، ولو قدر لنا في النادي أن يكون عقدنا أكبر مما وقعناه مع شركة الاتصالات السعودية لنفذنا بعض ملاعبنا ومشاريعنا التي توقفت بسبب شح المادة.
وأوضح المعيبد أن قضية المستفيد من هذه الرعاية جدلية، ويضيف: "لا بد أن ننظر إلى استفادة الأندية واللاعبين بعين الاعتبار على الرغم من أننا لا نملك وصاية على أحد المستثمرين، ولا نتحدث نيابة عنهم في هذا الجانب، ونعترف بأمانة أنه لولا هؤلاء المستثمرين لأصبح وضع أنديتنا في موقف حرج وصعب من الناحية المادية، ولرأينا تفاوتاً كبيراً بينها، ويكفي أن تلك الشركات صارت منقذة للأندية بغض النظر عن فائدتها من وراء توقيع العقود".
تشمل الجميع
يصف محمود المطرود رئيس نادي الخليج التوقيع بين الأندية والرعاة المستثمرين في الحقل الرياضي بالشيء المفيد للطرفين، ويضيف: "أصبح لدى أغلب الأندية وخصوصاً الكبيرة مدخول مادي كبير يغطي جزءاً كبيراً من احتياجاتها وخصوصاً التي لديها فرق كروية لها وزنها، وهذا شيء معروف لدى الجميع بحكم شعبية كرة القدم ولكن ما ذنب الأندية الأخرى وخصوصاً التي فرقها الكروية بدوري الدرجة الأولى في ذلك كي لا تحصل على النسبة التي يحصل عليها الآخرون على الرغم من أن لديها ألعاباً أخرى لها شهرتها على مستوى الوطن العربي مثل نادي الخليج في لعبة كرة اليد والتي تعتبر المنبع الحقيقي لكرة اليد السعودية لذلك نطالب بأن يكون هناك نظرة جديدة تنصف الآخرين".
ويطالب المطرود بأنه يجب أن تشمل الرعاية جميع ألعاب النادي حتى يستطيع الصرف عليها خلال المنافسات المحلية خصوصاً في ظل قلة الدخل المادي في الوقت الذي ستساهم هذه الرعاية في الاستقرار النفسي والمعنوي لدى لاعبي الألعاب الأخرى لأنهم يؤكدون أن هناك دخلاً إضافياً غير الذي تصرفه عليهم إدارة النادي في حدود ضيقة بسبب شح الموارد الأخرى.
ويتابع: "المستفيد حالياً هو الراعي وبنسبة كبيرة لأن الأمور ما زالت بحاجة إلى دراسة أكثر من خلالها تضمن للطرفين الاستفادة المادية".
ويضيف مسؤول الاحتراف بنادي الهلال الدكتور عبدالله البرقان أن العقود الكبيرة التي تتلقاها الأندية السعودية من الشركات الرعاة تعتبر دعماً كبيراً للرياضة السعودية بشكل عام وتساهم بتطوير الرياضة السعودية، مشيراً إلى أن الأندية السعودية أدخلت الاحتراف في أنديتها وليس اللاعبين فقط، بالإضافة إلى جلب لاعبين أجانب مميزين على المستوى الدولي وكرة القدم السعودية دائماً ما تركز عليها الشركات الاستثمارية وهذا ما يحصل مع الأندية في الوضع الراهن.
ويتابع: "عقد الهلال مع شركة موبايلي يشمل جميع الألعاب المختلفة في النادي وليس كرة القدم فقط".
ومن جهة أخرى يؤكد عضو مجلس إدارة نادي النصر ورئيس لجنة الاحتراف عامر السلهام: "أن الفائدة للطرفين سواء للنادي أو للشركة الراعية والفائدة للشركات الراعية بات أكثر، ففي السابق عندما تقيم الشركات مؤتمراً صحفياً نجد الحضور لا يتجاوز أكثر من مائتي شخص بينما نجد الحضور الجماهيري في الملاعب قد يتجاوز أكثر من (50) ألفاً، وهذا لمصلحة الشركة الراعية بكل تأكيد.
وكشف السلهام: "أن النادي منشأة اجتماعية ضخمة لم يتم الاستفادة منها خلال الأعوام الماضية وبكل تأكيد فالأندية لها شهرة تفوق الكثير من الشركات الكبيرة ولهذا حرصوا على إبرام العقود مع الأندية".
وبين عامر السلهام: "تختلف العقود من نادٍ لآخر فبعضها يكون شاملاً وبعضها الآخر لا يتجاوز الإعلان على القميص للاعبين".
وطالب عامر السلهام بضرورة تواجد مختص في كل نادٍ ومتفرغين بالتأكيد للعمل في الأندية بحيث يتم الاستفادة من هذه العقود الكبيرة التي بدأنا بمشاهدتها في أنديتنا".
مصلحة متبادلة
أما أمين عام نادي الشباب عبدالله القريني فيؤكد: "هذا الأمر يعتبر مكسباً كبيراً لجميع الأندية السعودية على المستوى المحلي خصوصاً أن فترة الخصخصة مقبلة على دوري المحترفين السعودي، وهذه الرعاية بحاجة إلى جميع الأندية السعودية لما لها من مردود كبير ويساعد الأندية على الوفاء بالتزاماتها في جميع ألعاب النادي ودعمها وجعلها تواصل مسيرتها ولا تتوقف خصوصاً أن الأندية ترتبط بالتزامات كبيرة لدعم جميع ألعاب النادي، وهذا الأمر لا يتحقق دون الشراكة مع شركة كبيرة، وهذا أمر مهم، فالنادي لابد أن يبحث عن شريك صاحب اسم كبير في السوق السعودي مما يعزز حظوظ النادي باستمرار هذا الشريك والراعي مع النادي لفترة أطول يستفيد منها الطرفان"، ويضيف متحدثاً عن اقتصار العقود على فريق كرة القدم أم تشمل جميع ألعاب النادي وما حصة كل لعبة، "الدعم هو للنادي المسؤول عن جميع الألعاب التي تمارس في النادي وبلا شك لن يكون هناك تفضيل لعبة عن أخرى بل سيكون هناك اهتمام بجميع الألعاب ودعمها بما تستحق، ونادي الشباب حريص على أن يعطي الشركة الراعية شركة الاتصالات حقها الكامل في الإعلانات في جميع الألعاب، وهذا الأمر سيطبق على جميع فانلات اللاعبين الخاصة بنادي الشباب بجميع ألعابه لكي تأخذ الشركة حقها وهذه تعتبر بداية موفقة خصوصاً أن الشركة الراعية لنادي الشباب حريصة على جعل النادي في مقدمة الأندية المستفيدة من دعمها كما هو الحال لنادي الشباب والذي يهمه بالدرجة الأولى مصلحة شركة الاتصالات كشريك رسمي للنادي وسيكون دور إدارة النادي كبيراً في توزيع المبالغ المتوفرة بين ألعاب النادي حسب حاجة كل لعبة".
وحول الطريق الأنسب لصرف تلك المبالغ الكبيرة، يقول: "في الوقت الذي تدخل فيه تلك المبالغ حسابات النادي يكون هناك أولوية للأشياء المستحقة على النادي سواء باستقطاب لاعب للنادي في أي من الألعاب أو دعم لعبة معينة وليس قصرها على لعبة معينة بل تكون أحقية الصرف للشيء المستحق على النادي ولن يكون هناك تخصيص معين، فهذا الأمر يلغي دور الرعاية الكاملة للنادي وقصرها على لعبة معينة لكن الأنسب أن يتم دفع المبلغ المستحق على النادي وفي وقته"، ويتابع: "النادي والشركة مستفيدان من العقد بالتساوي بين الطرفين فالنادي يستفيد والشركة الراعية هي الأخرى مستفيدة، فالنادي يبحث عن اسم الشريك بمثل شركة الاتصالات السعودية ونادي الشباب يفتخر بمثل هذه الشراكة مع شركة كبيرة بحجم شركة الاتصالات لسمعتها الكبيرة ولما لمسنا منهم من حرص كبير وأفكار تم طرحها بين الرئيس التنفيذي لشركة الاتصالات ورئيس نادي الشباب خالد البلطان للوقوف على مصلحة النادي مستقبلاً ولكي تكون المصلحة مشتركة والفائدة قائمة للطرفين".
إدارة النادي هي الوحيدة التي تقوم بصرف هذه المبالغ التي تحصلت عليها من الشركة الراعية بالتشاور مع أعضاء شرف النادي لأخذ آرائهم. ورأى البرقان أن: "المستفيد من رعاية الأندية الشركة والنادي في عملية الاستثمار حيث إن الشركة تستفيد من الإعلانات ودخل المباريات ودعم الجماهير لمنتجاتها والنادي يستفيد من المبالغ المالية".