الدراما السعودية اختفت بعد “طاش”
على الرغم من اشتغاله بالمسرح في بداية حياته الفنية، عبر إخراجه للعديد من المسرحيات منتصف الثمانينيات الميلادية مثل "أحلام سلوم" و"عويس التاسع عشر" و"ولد الديرة " وغيرها، والتي لاقت نجاحات كبيرة آنذاك، إلا أن بصمته الأقوى كانت عبر التلفزيون السعودي الذيأسس من خلاله مطلع التسعينيات الميلادية وعبر مؤسسته الفنية مشروع مسلسل "طاش ما طاش"، وهو الحدث الفني الأهم في تاريخ الدراما السعودية والذي استمر لعقدين من الزمان مهيمناً على ذاكرة السعوديين، المخرج عامر الحمود يكشف عبر هذا الحوار ل"الرياضية" طبيعة العلاقة مع شريكي مشروعه الفنانين عبد الله السدحان وناصر القصبي بعد انتصاره عليهما قانونياً في قضية الملكية الفكرية لمسلسل "طاش ما طاش"، والتي شغلت الرأي العام في السعودية خلال الأعوام العشرة الماضية، فإلى تفاصيل الحوار:
ـ هل تعتبر الحكم الصادر لصالحك بالملكية الفكرية لمسلسل "طاش ما طاش" وتعويضك مادياً عن 13 جزءاً من المسلسل انتصارا على شريكيك الفنانين عبد الله السدحان وناصر القصبي؟
لا أستطيع أن أسميه انتصاراً بالمعنى الحرفي للكلمة، ولا يشغلني كثيراً، هو انتصار قضائي وأدبي وحضاري من خلال الاحتكام إلى اللوائح والأنظمة التي كان لها الكلمة الفصل في الموضوع وهذا هو المهم.
ـ هل حدث تواصل أخيراً مع أطراف القضية "القصبي والسدحان" بعد صدور الحكم؟
المحامي الخاص بي هو من يتابع الموضوع مع جميع الأطراف، شخصياً ليس لدي تواصل مع الزملاء القصبي والسدحان.
ـ وسط إلحاح الجماهير ورغبتها باجتماعكم من جديد، هل من الممكن مشاهدتك في عمل مع القصبي والسدحان مجددا؟ والأخير تردد أن عملاً فنياً سيجمعك به إلا أنه لم يتم.. لماذا؟
كانت هنالك دعوة من قبل رئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون السابق لمحاولة جمعي مع الفنان السدحان في أحد المسلسلات جلست مع الزميل السدحان، ولكن الفترة الزمنية لم تكن كافية للإعداد والتجهيز، كانت نصوص الحلقات جاهزة ولم يكن لي دور في تعديل النص والإشراف عليه، وبالتالي اعتذرت عن العمل لاسيما وأن الجمهور سيفهم الأمر على أنه منافسة مع الطرف الثالث "القصبي"، أبحث دائما عن الإضافة النوعية لي وللآخرين، من حيث المبدأ ليس لدي أي مشكلة في العمل مع الزميلين متى ما توافرت الفرصة للعودة مع أي منهما بشكل أقوى من السابق.
ـ كأهم صناع المحتوى الكوميدي ومؤسس لمشروع "طاش ما طاش"، كيف تقيم وضع الكوميديا السعودية حاليا مقارنة بالتسعينيات الميلادية؟
أعتقد أننا تراجعنا إلى الوراء، قبل أكثر من عشرين عاما كانت الكوميديا راقية، إن لم تضحكك فهي تحترمك على الأقل ولا تخدش حياء المشاهد، لم نصل إلى مرحلة الإسفاف الحالية الخالية من أي قيمة، صناعة الكوميديا الآن من أسهل المهن، ليس عليك سوى تجميع كم شخصية من الإعلام الجديد والمواضيع التي تطرح من خلاله وهذا استسهال لا يليق بصناعة الدراما إجمالا، أظن أن الجمهور يضحك على الأعمال الكوميدية الآن ولا يضحك منها.
ـ كيف تقيم كمراقب للأعمال الكوميدية عملاً مثل "سيلفي"، خاصة في ظل الأخبار التي تتداول عن إيقافه وإنتاج عمل بديل له؟
لا يوجد مشروع حقيقي بعد مسلسل "طاش طاش"، كل الأعمال الكوميدية بعده هي "طاش ما طاش" بجلباب آخر، أنا قدمت تجربتين مختلفتين تماما مثل "أبو رويشد" و"العوعولمة" وجميعها بعد مرحلة "طاش ما طاش"، ناصر القصبي كقيمة فنية وممثل أكبر بكثير من مثل هذه الأعمال "سيلفي، طاش ما طاش" وهو قادر على صناعة عمل خالد ومميز، عليه ألا يكتفي بأعمال "الوجبات السريعة"، "طاش ما طاش" بأجزائه المتعددة في النهاية هو عمل واحد في تاريخ الفنان، القصبي يحتاج إلى شخص من خارج دائرته لينقله إلى عمل مختلف، هو لا يستطيع الانفكاك منها والنظر من زاوية أخرى ربما هذا دور المخرج.
ـ ما الحل في رأيك لمثل هذا الوضع؟
الحل في استلهام كل شخصياته كفنان كبير والخروج منها بشخصية واحدة ذات أبعاد فنية لكي يصنع عملاً يخلد في أذهان الناس، حتى وإن كان تراجيدياً، الناس يشاهدون "درب الزلق" حتى الآن ويضحكون رغم مرور 4 عقود على إنتاجه، ربما الصبغة التجارية لبعض القنوات تفرض استمرار بعض الأجزاء لغرض تسويقي بعيدا عن النجاح الفني، ناصر يشترك مع السدحان في أنهما صنعا أعمالا جماهيرية ولم يصنعا أنفسهما بأعمال متعددة، بدليل أن المعلن التجاري يطلب "طاش ما طاش" بالاسم ونفس الحكاية تتكرر مع "سيلفي"، بينما فنان مثل عادل إمام يطلبه المعلن بغض النظر عن اسم المسلسل، استهلكا 17 عاما من عمرهما الفني في عمل واحد ولم يجربا في صنع نجاح آخر بعيدا عن "طاش ما طاش" وهذه مشكلة كبيرة.
ـ سلسلة التجارب الكوميدية لعدد من الفنانين السعوديين لماذا برأيك فشلت إنتاجياً في صنع عمل واحد مميز خلال العشرة أعوام الماضية؟
المشكلة تكمن في القائمين على القطاع التلفزيوني، لا يوجد تصنيف لمؤسسات الإنتاج مثل شركات المقاولات مثلا، التلفزيون لا يأخذ في الاعتبار تاريخ المؤسسة الفني والأعمال التي قدمتها في مسيرتها، الفنان ليس بالضرورة أن يصبح منتجاً ناجحاً، الممثل بطبعه نرجسي ولا يحب أن يتفوق عليه ممثل آخر في المسلسل الذي ينتجه، وبالتالي تصبح عملية المونتاج أشبه بتصفية حسابات بين الفنانين وتعظيم لبعض الأدوار وتقليص لأخرى.
ـ تجربتك في مسلسل "جرح الزمن" مع الفنانة حياة الفهد والكاتبة فجر السعيد، لم تكررها على الرغم من نجاح المسلسل، لماذا؟
أتفق معك بأن العمل لاقى أصداءً واسعة ونجاحاً منقطع النظير، ما زلت أذكر أنه العمل الوحيد الذي عرض على جميع القنوات المشاهدة آنذاك، ربما للبعد الجغرافي بين الوسط الفني السعودي والكويتي وعدم وجود تواصل منتظم بيننا.
ـ أشرفت على عملية فرز كبيرة في المتقدمين لبرنامج "نجم الكوميديا" ومسلسل" طاش الأصلي"، أين ذهبت المواهب؟
أعتقد أن السؤال يجب أن يوجه لإدارة التلفزيون السعودي، أوجه رسالة للدكتور عواد العواد وزير الثقافة والإعلام مفادها أن التلفزيون يجب أن يعود إلى سابق عهده في تقديم المواهب كما في حالة السدحان والقصبي والشمراني مطلع الثمانينيات، في "نجم الكوميديا "استقبلنا 1200 مشترك، تأهل منهم 30 موهبة، وفرنا لهم تأهيلاً وتدريباً أكاديمياً وعملياً، كان الاتفاق مع التلفزيون السعودي على استمراريتهم وفرضهم على جميع المنتجين، إلا أن هذا الاتفاق ذهب أدراج الرياح، المواهب الآن مشتتة في وسائل التواصل الاجتماعي ويحتاجون منصة مهمة مثل التلفزيون السعودي.
ـ لماذا أوقفت بث قناة الكوميديا السعودية SCC على الرغم من نسب المشاهدة الجيدة لها؟
أشعر بالغصة والألم كلما جاء الحديث على ذكر القناة، على الرغم من ضعف الموارد المالية والصرف عليها لمدة ثلاثة أعوام، استطعت الصمود 3 أعوام، ولكن لا يوجد جهات داعمة لي، وبالتالي توقف المشروع، وبالمناسبة ما زالت الأسئلة تردني عن تردد القناة، أعتقد أننا بحاجة لـ 6 قنوات على الأقل لمجاراة مواهب الشباب في التمثيل والتقديم وباقي الفنون.
ـ غيابك الطويل عن المسرح ما سببه؟
ربما تكون مسرحية "قطع غيار" في أبها قبل 20 عاما آخر عهدي بالمسرح، تواصلت مع مسؤولي هيئة "الترفيه" خلال الأيام الماضية وأتمنى أن ينتج عن هذا التواصل مشروع مسرحي جديد، لا أريد أن يكون العرض المسرحي "رخيصاً"، ونشاطاً من ضمن الأنشطة العادية والمجانية، المسرح يجب أن يكون له احترامه وهيبته عبر عرض مسرحي جماهيري بتذاكر مدفوعة، المسرح يكشف الفنانين على حقيقتهم من ناحية الموهبة والجماهيرية، أمانات المناطق قامت بجهد يشكرون عليه ولكن ليس هذا هو المسرح الذي نأمل ونتطلع إليه.
ـ أخيراً، ماذا عن الجديد لديك خلال الفترة القليلة المقبلة؟
لدي تقييم لمستوى المشاركين في مسابقة ألوان للأفلام السياحية لهذا العام، تشرفت باختياري عضو لجنة تحكيم من قبل "هيئة السياحة والتراث الوطني" الذين أوجه لهم الشكر على دعمهم للأعمال الشبابية، سنعقد عدة جلسات لمشاهدة الأفلام في مسارات المسابقة السبعة الشهر المقبل قبل إعلان النتائج منتصف شهر ديسمبر المقبل.