فصيلة الجبناء..
سنوات طويلة.. أحداث كثيرة.. مراحل عديدة من عمر الرياضة الوطنية عشناها سويًّا.. تابعنا فيها الميدان بشغف.. أحببنا ما يقدم خلالها من عطاء.. لم يكن معظمنا قد وصل إلى مرحلة الرضا.. لكننا اتفقنا "في الأغلب" على أننا لامسنا حالة الاستمتاع برياضتنا..
وعشنا معها أجواء المنافسة القوية داخل الملعب.. المنافسة التي قربت كل عاشق من معشوقه.. لأننا ببساطة كنا قد عشنا التشجيع لنحب وليس لنكره.. وكانت ميولنا مبنية على عشق فرقنا، وليس على كره منافسيها..!.
مرت الأيام.. وبدأ الصراع الميداني يشتد.. وباتت الفروق الفنية والمالية والإدارية محددًا فاصلًا في مواقع الفرق، وحفاظها على شكلها وقدرتها الميدانية على المنافسة.. ولم يعد الحماس والروح كافيين للوصول إلى منصات التتويج..
مرت الأيام.. فباتت المتغيرات والظروف وتطور الرياضة واحتياجاتها بمثابة نقاط المقاومة التي كشفت قدرة مسيري الأندية على الاستمرار في المنافسة من عدمه..
مرت الأيام.. فظهر على السطح مجموعة من البشر ممن رفضوا أن يتعاملوا مع عجز فرقهم بواقعية.. وأغمضوا أعينهم عن قصور إداراتهم في تطوير أنديتهم.. وأقفلوا آذانهم عن سماع صوت الحق وصراحة الناصحين.. فهم أولئك الذين عجزوا عن مجاراة من ينافسونهم في الميدان.. فبات سلاحهم الوحيد هو "الضجيج" و "التباكي"، وإشاعة الفوضى في أوساط المتابعين والجماهير، وهي حيلة "الجبان".
أولئك "الجبناء".. تقاعسوا عن معالجة ما في كياناتهم من خلل، واتجهوا نحو تجنيد أنفسهم وغيرهم صوتًا وصورة وقلمًا في وجه كل ناجح.. فتارة يشككون في إنجازات الناجحين.. وأخرى ينتقصون من قيمة تلك الإنجازات.. وفي أحيان كثيرة يشتتون أذهان المشجعين البسطاء، برمي إخفاقاتهم على شماعة المؤامرة..!.
أفراد تلك الفصيلة هم الأجرأ على اتهام البشر.. وسلخهم من إنسانيتهم.. وتجريدهم من أمانتهم.. فهم الأسرع في نشر الإشاعة.. والأكثر حرصًا على نشر الكذب وتشويه المشهد بالتضليل..!.
والأغرب.. أن أفراد تلك "الفصيلة" هم أبرز الغائبين عن المشهد عند ظهور الحقيقة وانكشاف واقع القضايا بالأدلة والبراهين.. ألم أقل لكم إنهم "جبناء"..!.
مرت الأيام.. فبدأت تلك المجموعة من البشر في أخذ مواقع مؤثرة في المشهد الإعلامي الرياضي.. ولم يعد الوسط الرياضي يعاني من "ضجيجهم" فحسب، بل نتج عن انتشارهم خروج مجموعة من البشر تأثرت بذلك الفكر، وباتت مواقع التواصل الاجتماعي "مكتظة" بذلك السيل من الإساءات واتهام الذمم، والتشكيك والسب والشتم في وجه مؤسسات وأفراد العمل الرياضي..
لن أحاسب جهة معينة.. ولن أوجه أصابع الاتهام إلى مسؤول دون غيره.. فقد يكون اتساع دائرة "الضجيج" وتعدد مصادره وتغير أدواته، قد جعل معظم المهتمين يحتارون لإيجاد الحلول في وجه ذلك المد المتسارع لاتباع ثقافة الضجيج..!.
إلا أن ما يدفعني للإيجابية هنا هو ثقتي في الله أولًا، ثم في التوجهات اللافتة للمؤسسة الرياضة الوطنية وحضورها المؤثر مؤخرًا.. وهو الأمر الذي يجعلنا نستبشر بميلاد مرحلة جديدة ستحد من تأثير تلك الفصيلة، وتعالج المتضررين من أذاها.. وما سبق لا يلغي حرص واجتهاد كل من قاموا على رياضتنا الوطنية طيلة العقود الماضية، ولا ينقص من احترامنا وثقتنا في كل ما قدموه لرياضة الوطن، وطاعتهم لولي الأمر وإخلاصهم في عملهم..
دمتم أحبة.. تجمعكم الرياضة.. ويحتضنكم وطن..