تجارة التعليم
أفضل وأقوى الجامعات في العالم قامت على الأوقاف عبر مؤسسات غير ربحية تدار بكفاءة عالية وتنفق ما يأتيها من تبرعات ومبالغ وأنشطة خيرية أو وصايا ارث على التوسع في النشاط الأكاديمي من بناء كليات جديدة أو مراكز أبحاث متقدمة أو استقطاب أفضل العلماء والباحثين أو دعم للمواهب والنابغين بحيث يخلو الهم التعليمي والتربوي من الربح والخسارة والمتاجرة بأهم مهنة وهي مهنة التعليم .وتقف هارفرد وأكسفورد وكامبرج وييل واستانفورد وبرنستون على قائمة المؤسسات التعيليمة الكبرى الخالية من التجارة الأكاديمية الخاسرة .اما لدينا للأسف فكل الذي تحتاجه هو رأس مال ومبنى مستأجر كسيح حتى تقيم لك مدرسة أهلية ولا يمضي وقت طويل عليك إلا وأصبحت من أصحاب المال وتبدأ ببناء المدارس ثم تتقدم لوزارة التعليم العالي لفتح كلية أهلية تمارس فيها نفس المتاجرة بالتعليم ومنح الدرجات الجامعية ثم تكتشف وزارة التعليم العالي سوء هذه الكليات فتوقف بعضها كما حصل مع الكليات العالمية التي كانت تستهدف تعليم طلابنا وطالباتنا العلوم الطبية والصحية ومثلها الكثير .كما ان هناك رؤية شرعية فقهية معتبرة ترى كراهية أخذ مال مقابل التعليم لأن التعليم ليس من الأمور المحبذ فيها المتاجرة وهذا للأسف مايحدث حاليا حيث تتسابق المدارس الأهلية على قبول الطلبة ووعدهم بالنجاح والدرجات المتضخمة وكذلك تفعل الكليات الأهلية كما فعلتها قبل ذلك المعاهد والأكاديميات الصحية التي ورطت الوطن لمخرجات ضعيفة وشهادات في غالبها لا تؤهل خريجيها للتعامل مع البشر فكانت النتيجة كارثية لأن هذه الأكاديميات والمعاهد غير مجهزة عمليا وأكاديميا للتعليم الصحي المناسب .ولهذا اقترح على وزارتي التعليم العالي والتربية والتعليم إعادة النظر في قواعد التعليم التجاري وتشجيع المدارس والجامعات غير الربحية وأعود للتذكير بأن الربح من التعليم كما يؤكد كثير من فقهاء المسلمين ربح مكروه إلا أن بعضهم يعتبره ربحا حراما وهذا يعني أن الذين يتقاضون ربحا مباشرا من التعليم يأثمون .ففي التراث الإسلامي ومن اجل الثواب لا يقوم المحسنون بإنشاء مرافق المؤسسات التعليمية فقط بل يوقفون لهذه المؤسسة أوقافا تكفي لتغطية جميع نفقاتها ومن ضمنها التعليم والسكن والمأكل وخلافه .لهذا فإن سيطرة شركات ربحية على الجامعات الخاصة تؤثر بطريقة أو بأخرى على قدرة الجامعة على تحقيق رسالتها بأمانة وفاعلية . واكاد اجزم أن الجامعة من أهم مؤسسات الدولة وأخطرها وبالتالي لا يجوز بأي شكل من الاشكال أن تكون ملكا لشركة ربحية يمتلكها شخص أو مجموعة من الاشخاص يهدفون الى الربح مع الاحترام والتقدير لهم .