وردة حمراء من فضلك
لا بأس أن تشتري اليوم وردة حمراء لتقدمها للمدام.. أقول هذا دون تحفظ.. المهم ألا يكون لهذا (الإهداء) علاقة بـ (فلنتاين) عيد الحب الذي يحتفل به اليوم كثير من الناس.. ليس في الديار الغربية.. وإنما أضحى له مترقبون في ديار العربان.. إنها ـ إذاً ـ رياح العولمة تأتي به إلينا كما أراد (الأمريكان).. واستطاعوا بإرادتهم التسلطية أن يحققوا سيادتهم الثقافية في زمن الوعي.
صدقوني ما عدت أعول على هذا المدعو (وعي).. أشعر أنه لم يعد يفيد وأن الهوى أحاله إلى (غيبوبة) وإلا لماذا تكثر أعداد المدخنين اليوم؟.. يحدث ذلك بزيادة وعي المقبلين عليه بأضراره الصحية الفتاكة.. يحدث ذلك والتحذير مكتوب على عبوته بخط واضح (التدخين سبب رئيسي لأمراض السرطان وأمراض القلب وانسداد الشرايين).
أعود إلى الحب وعيده الذي أعترض أن يُختزل في يوم دون النظر إلى ما وراء هذا اليوم من حكاية لا بد أن تُروى ويعرف سر (فلنتاين) لمتبعيه من المحرومين من الحب:
عندما ترك الرومان الوثنية واعتنقوا النصرانية بكوا ندماً على رمزهم القس (فالنتاين) الذي أعدموه حين خرج هو على الوثنية واعتنق النصرانية.
وأراد القوم أن يكفروا عن تلك الفعلة فيكرموا الرجل المحب (فالنتاين) بعد مماته فجعلوا من يوم مقتله عيداً للحب فاستحسن النصارى ذلك وساروا عليه حتى يومنا هذا.
وأصبح القلب الأحمر والزهور الحمراء تعبيرين للحب وشهداء الحب في عيد الحب.
ولو أن أحفاد (فالنتاين) من الرومان والوثنيين يسمعونني لرددت على مسامعهم ذلك المثل البلدي المعروف (من الجرف للدحديرة.. ويا قلب لا تفرح بدلاً من لا تحزن) لأن القلوب والزهور الحمراء والأسى على القس (فالنتاين) ليس في محله فصاحبهم كان يريد أن ينقلهم من درك في النار إلى درك آخر، وقد سعوا إلى ذلك بأنفسهم، وما يزال الخلف يتبعون السلف إلى دار الشقاء.
هذه الحقيقة أسوقها للمحتفلين من أبناء المسلمين السائرين وراء النصارى المتعلقين بأوهام الحب.. الحاملين للزهور الحمراء والقلوب التي تقطر بلون الدم.. دم (فالنتاين) المحب.. أقول لهم: ما بني على باطل فهو باطل، وما بني على فاسد فهو فاسد.
نعم.. هذا زمن الهوى والهوى غلاب ـ يا أصحاب ـ وإلا لما كل هذا الإصرار على متابعة (الكفار) إلى (جحور الضبان)؟.. لست أنا من يقول هذا إنه قول رسول الهدى عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام: "لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه".
قالوا (أي الصحابة): يا رسول الله، اليهود والنصارى؟
قال: فمن؟ (أي فمن غيرهم)؟
وقال صلى الله عليه وسلم: "لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي مأخذ القرون، شبراً بشبر، وذراعاً بذراع".
فقيل: يا رسول الله، كفارس والروم؟
قال: ومن الناس إلا أولئك؟
عفواً.. لا تعطني وردة حمراء.