2014-04-04 | 07:23 مقالات

خلوا الإنجليزي ينفعكم

مشاركة الخبر      

"الزبون دائمًا على حق".. مقولة شهيرة تنسب لـ (هنري غوردون سيلفريدج) مؤسس متجر سيلفريدج في لندن.. وهي كما يفهمها رجال الأعمال قاعدة ذهبية وشعارًا تسويقياً لشركاتهم، يبحثون من خلالها عن حصة كبيرة من كعكة البيع في سوق تنافسية تتعدد فيها منتجات السلعة الواحدة.. إذا.. لا مناص من بذل الكثير من الجهود للتعرف عن كثب على احتياجات الزبون وطموحاته، من أجل المحافظة على ولائه، أو لكسب زبائن جدد، وبالتالي تحقيق مزيد من الأرباح.. هنا تظهر أهمية رجال البيع الذين يتطلب عملهم مقابلة الجمهور واستقبالهم في المحلات، وهؤلاء أصناف.. فهناك الهادئ (الرزين) الذي يتركك تتجول داخل المحل، ولا يتدخل إلا عندما تبادر بالسؤال.. وهناك الحيوي الذي يستقبلك بابتسامة، ويظل يتابعك من بعيد وأنت تنتقل داخل المحل، وهو في حالة ترقب لأسئلتك. واستفساراتك.. وقد يتدخل ليعرض عليك بعضا من السلع المشابهة أو البديلة لما تبحث عنه.. يفعل ذلك بـ (أناقة) تشعر معها براحة تامة تتيح لك اتخاذ قرارك الشرائي دون أدنى (مضايقة).. وهناك.. وهناك الكثير من أصناف البائعين؛ بيد أن هذا النوع الذي سأحدثكم عنه اليوم يبدو غريبا.. عجيبا.. وكأنه جاء من كوكب آخر.. فما أن تطأ قدماك عتبة المحل حتى يغمرك بترحيباته.. ويظل هاشاً.. باشاً.. حتى اذا ما انتهت جولتك وهممت بالخروج دون أن تشتري - وهذا أمر طبيعي ومتوقع ويحدث كثيراً، ولا أحد يستنكره - تغير حال الرجل واستحالت (سُكرة) لسانه (علقماً)..

واحد من أولئك البائعين لم يستطع أن يخفي غضبه لخروجنا من محله دون أن نشتري، مع أننا لم نجد عنده حاجتنا.. والحكاية باختصار أنه كان هناك صنف من الملابس إنجليزي الصنع تبحث عنه أم العيال، وكان لدى ذلك البائع صنف بديل صناعة أمريكية فأراد أن يقنعنا بأنه افضل من الإنجليزي.. ولكن المدام لا تريد سوى الصنف الإنجليزي.. المهم أن صاحبنا هذا لم يرض بضياع هذه الفرصة الشرائية وخروجنا من المحل مثل دخولنا إليه؛ فلم يجد غير "يبقى خلوا الإنجليزي ينفعكم".. يعبر بها عن سخطه وحسرته وفشله.. لم تطرأ على فكري مقولة (سيلفريدج) "الزبون دائماً على حق" لأذكّر بها ذلك البائع.. ربما لأن المدام لم تعد وتزد في الكلام وتقلل من شأن تلك السلعة الأمريكية.. نعم.. لقد كان الحق معنا.. صورة مع التحية لرجال البيع.. عل فيها ما ينفعهم وينفعنا..