2014-10-03 | 05:51 مقالات

وظائف شاغرة

مشاركة الخبر      

إنها ليست دعوة لوظائف محدودة تشترط مواصفات غير محدودة، برواتب غير مقبولة، لتبقى حكراً على تلك العمالة الرخيصة التي رضيت بالقليل باعتباره كثيراً وفق معدلات دخل الفرد في بلدانهم.

إنها دعوة لتحديد الاحتياجات الوظيفية وتوطينها في بلد يعيش بطالة غريبة عجيبة ليس لها مبررات اقتصادية، وإنما هي وبكل تجرد تشير إلى تكاسل وفوضى وتجاهل عجيب لمشكلة باتت تتفاقم لتخلق معها سلسلة من المشكلات الاجتماعية والأمنية.

هذه بعض مشاهد لمسرحية جادة وإن شئتم هزلية، كونها تزخر بالتراجيديا ولا تخلو من السخرية التي باتت متنفساً للشعوب العربية.. يضحكون بها على أنفسهم ليقتلوا الوقت قبل أن يقتلهم .



الفرض قبل التطوع..

صاحبي يطلب مني أن أكتب عن العمل التطوعي في بلادنا.. يحرضني أن أحث الشباب للمشاركة فيه .. وأن أدعو مؤسسات القطاعين العام والخاص لتوفير فرص تدريب الشباب عليه.. يقول: إن العالم اليوم يسوق للعمل التطوعي كأداة فاعلة للإرتقاء بالإنسان.. ذلك الذي يناله من ايراداته وخدماته، وذاك الذي يساهم في تحريك آلته على اختلاف أدوارهم.

استرسل صاحبي منتشياً بهذا الهدف الجميل مستغلاً حالة الصمت التي أصابتني لبرهة رحت فيها أتخيل عدد تلك الرايات التي سترتفع للاعتراض على هذا الهدف بداعي (التسلل) على أهداف أخرى هي الأولى والأجدر بأن توضع في الحسبان وتستنفر الجهود لتحقيقها.

راح يرسم صورة للمدينة الفاضلة التي يتسابق أهلها في العمل التطوعي.. يستند على قاعدة صلبة لقيم أخلاقية سامية ظلت تميزنا على كل بلاد الدنيا.. رحت أسبح معه أتذكر أولئك الذين يتسابقون في مواسم الخير.. يطعمون ويسقون الحاج والصائم.. ويحملون البشرى في كل مناسبة بعطاء يصيبون به كل ذي حاجة.

العمل التطوعي ـ يا صاح ـ سمة أصيلة لقادة وشعب هذا البلد الكريم المليء بالخيرات، والحاجة إلى تفعيل نشاطاته وحث الشباب على الالتحاق به بعد وضع قواعده ولوائحه ودعوة القطاعات العامة والخاصة للمساهمة فيه.. كل ذلك ـ يا صاح ـ من ذلك الجميل الذي ننتظره.

إن كل الرايات التي ترتفع اليوم لا يمكن أن تقلل من روعة الهدف وسموه وضروة العمل على تفعيله واستنهاض كل الجهود للعمل على تحقيقه واستثمار عوائده.. إنها فقط تتحفظ على توقيته وهي ترى هذه الأعداد الكبيرة من الشباب والشابات الخريجين والخريجات يضيق بهم سوق العمل.. يلقي بأكثرهم على أرصفة البطالة في بلد يملك كل المقومات ليكون في طليعة البلدان.. انتاجية ورخاءً ونماء.

ثم إن كان هناك حاجة لأعمال تطوعية فلماذا لا يتم من خلالها استحداث وظائف حقيقية بمرتبات مجزية، خاصة وأن أكثر المتوجهين للعمل التطوعي حالياً يأملون في الحصول على وظيفة ثابتة من خلاله.

ربما كان من الأولى ـ يا صاح ـ أن ندعو إلى مزيد من التعاون والشراكة بين أصحاب العمل والمؤسسات التعليمية عبر ما يعرف بالتدريب التعاوني على أن يتم التعامل مع الخريج كموظف تحت التجربة يتقاضى راتباً مناسباً مقابل التزامه بواجبات الوظيفة.. إنه التدريب الذي يحقق المنافع لجميع الأطراف.