قيادات ونجوم
ما أكثر ما نسمعه اليوم في موضوع صنع القيادات الجديدة.. يأتيك في إطار فلسفي يستدعي تلك المتطلبات العلمية والتنظيمية ولا يقف المنظرون عند هذا الحد فنراهم يخوضون في مقومات الشخصية القيادية فيتناولون القدرات الفكرية التي ترتبط بالذكاء وتلك التي تعتمد على الدافعية.. ثم نراهم يحاولون إكمال تلك الصورة المثالية للقائد باستعراض القيم الأخلاقية كالأمانة والعدل وغيرها.
من يسمع كل هذه (الجعجعة) عبر هذا الحراك العلمي التنويري يظن أن (طحين) الموضوعية قد ملأ سوق العمل عبر قياديين مؤهلين علمياً وأخلاقياً قبل أن تصدمه تلك الرغبات الشخصية المشبعة بالأنانية المكرسة للتقليدية لشخصيات تدعي القيادة وهي لا تحمل خصائصها الفريدة.. تظل تكشف عن عجزها في تحقيق ذلك التأثير الإيجابي في البشر في كل موقف.. لذا لا غرابة أن يظل البحث جارياً عن (القائد).
أقسى ما يمكن أن تتحمله النفس الشريفة الأبية أن تنتقص زوراً وبهتاناً.. ويكثر هذا النوع من التعدي باسم المصلحة العامة حين يبنى على آراء وأحكام غيابية لأشخاص يتأثرون سريعا ويسهل توجيهم لاتخاذ مواقف مفصلية في وقت قُصيّر.. فتراهم يسمعون (الكذب) ويصدقونه فيظلمون باسم المصلحة العامة.. وفي المقابل يشاركون في اختيار غير الأكفاء باسم المصلحة العامة.
الكذبة الأولى أضحت مبررا يستند عليه لإقصاء الشرفاء.. العيب في آلية الاختيار القائمة على الانطباعات التي باتت تسمع وتقبل من المنافسين في بيئة يعلو فيها النزاع.. نزاع قيم ومبادئ.. ينتهي غالبا بانتصار المصالح الخاصة.. ولا تحمل هما فمبررات الاصطفاء والاقصاء موجودة.. تلك الكذبة الأولى تكفي لمواصلة لعبة (ميسر) خاسرة جرت لاعبين يشهد لهم بالخير.. ورطوا أنفسهم بأحكام جائرة لأنهم استمعوا من طرف واحد وتجاهلوا الطرف الآخر.. مارسوا عليه وصاية خصومه.. في اتخاذ القرارات تحتاج دائما إلى مهارات صحيحة وكافية.
ربما تجد نفسك تغرد خارج أحلامهم الصغيرة.. تستمتع بهذا الفضاء الواسع المدهش.. تحاول أن تطرد شعورا بالضيم يعتمل في صدرك رغم زهدك في بضاعتهم.. تظل تحكمك القيم والمبادئ لتتذكر بأن استمرار التجاوز والتنازل عن حقوق خاصة في مواقف تنافسية إنما هو في حقيقته أضرار بالمصلحة العامة التي ظلوا يفترون عليها ليعبروا من خلالها إلى أطماعهم الخاصة.
- ماذا تفعل؟
- سأستمر في الكتابة إلى من يهمه الأمر، في محاولة لإنقاذ نجوم سيخبو بريقها في سماء الأعمال.. لأنهم لم يجدوا القادة الذين يقدرون خصائصهم ومواهبهم وتفردهم.. فمن هم النجوم؟
في الأسبوع القادم سنتعرف عليهم عبر رؤية (مانفريد كيتس دي فريس) MANFRED KETS DE VRIES أستاذ تطوير القيادة في كلية إنسياد للأعمال، ومؤسس مركز القيادة العالمي في الكلية، ومدير برنامج "تحدي القيادة" أحد برامج تطوير كبار المديرين التنفيذيين في إنسياد.. إلى اللقاء.