2015-10-23 | 04:08 مقالات

سيارة يا عم

مشاركة الخبر      


في مطار جدة يستقبلك كثيرون.. لا تعرفهم.. رغم أنهم ليسوا منكرين.. أجرة .. سيارة.. شكراً.. يستلمك آخر: سيارة يا عم.. شكراً.. يقترب منك ثالث: مكة؟.. لا شكراً. تخرج من باب الصالة.. يأخذ آخرون دورهم في سؤالك والإجابة لا تتغير: شكراً.. يبتسم أحدهم في وجهك: الله يسهل عليك.. أجيب: وعليك.. هنا ينفض الجمع.. يفقدون الأمل في صاحبكم، فالتفت أمارس الصيد مثلهم ألمح ذلك الرجل في منتصف عقده السابع يوزع نظره في ترقب وكأنه يعرف ركابه يختارهم بعناية.. يعرفهم بسمائمهم، لم يتعب نفسه معي: اقتربت منه قلت: ما صدت أحداً.
أجاب بثبات: لم يأت النصيب بعد.. وأردف قائلاً: مشوار المائتي ريال.. لأذهب بعده إلى البيت.. وتكون نهايتها مسك.
قلت: الله يرزقك.. لم يهتم بدعوتي.. تركني وذهب يبحث عن ذلك الذي سيدفع المائتين.
هؤلاء الذين يبحثون عن راكب، ليسوا كلهم مثل صاحبنا الخبير الخطير (أبو مائتين).. ففيهم المدين وفيهم من ساقته الحاجة ليقف ويسألك: سيارة يا عم، ونحن في الغالب نفضل الليموزين عليهم لأننا لا نعرف مدى نظافة سياراتهم ولا نثق فيهم.. ما زالوا يأتون.. يملؤون المطارات فهل يجدون من يركبون معهم؟.. الله كريم.
كثيرون يرون في هذه المهنة تعدي على النظام.. ويراها آخرون مهنة شريفة هي أحد الحلول والتي يمكن من خلالها أن تحصل على المال.. تنقذ كثيرين من أن يمدوا أيديهم.. مخرج يحفظ لهم كرامتهم.
قال لي أحدهم ولا أدري هل ساقتني الأقدار إليه وأنا الذي أرفض فكرة الركوب معهم: تصدق أني على الحديدة.
الراتب ما يكفي.. أربعة آلاف.. ألفان منها تروح للسكن، وألف ومئتان قسط السيارة والباقي ثمان مائة ريال إيش تسوي؟
صحيح إيش تسوي.. لازم تشتغل (كداد) في المطار.. إنها الشغلة التي تحفظ لهؤلاء كرامتهم.. ولكن من يركب معهم؟.