حائل الجمال
من لم يعرف حائل لا بد أن يتعرف عليها. لا يكفي أن تأتي إليها وتبقى وحيداً.. ترفض عروض أهلها الكرماء.. اشترط عليهم ألا يقدموا لك غير القهوة والشاي لتجد الوقت في استكشاف المدينة.
ويبدو أنني قد كنت محظوظاً فقد كان من بين مجموعة المتدربين ـ في البرنامج الذي جئت لأقدمه بالتسيق مع جامعة حائل ـ شخص مهتم بالتراث بل صاحب متحف يضم مقتنيات نادرة وثمينة أطلعنا على شيء منها خلال زيارتنا لبيته يوم الإثنين.
مثيب عبد العزيز الشمري طلع لي في البخت ويبدو أن حظي كان سعيداً لأحظى يوم الثلاثاء ـ وهو يوم ختام البرنامج ـ بنزهة جميلة، فقد كانت رحلتي على الطائرة في العاشرة وخمس وعشرين دقيقة مساءً، وكان هناك متسع من الوقت لأخذ جولة في المدينة. في الثالثة بعد الظهر كان في الموعد ينتظرني في بهو الفندق. انطلقنا بسيارته.. كانت (القشلة) محطتنا الأولى وهو بناء من اللبن والحجر، ويعني بالتركية (المكان الشتوي) وقد أمر الملك عبد العزيز (رحمه الله) عام 1360 ببنائه كثكنة عسكرية لتدريب الجنود. وتقع القشلة وسط مدينة حائل وتشغل مساحة 19995 متراً مربعاً، ولها واجهتان يدعمهما ثمانية أبراج مربعة الشكل، أربعة بالأركان وأربعة موزعة في منتصف كل واجهة. ويوجد للقشلة مدخلان الأول يقع بمنتصف الواجهة الشرقية والآخر وهو المستخدم حالياً يقع بمنتصف الواجهة الجنوبية. أما المبنى من الداخل فهو فناء كبير يدهشك تصميم غرفه الفسيحة البالغ عددها 83 في الدور الأرضي و53 في الدور العلوي، إضافة إلى غرف السجن الموجودة في الركن الشمالي الشرقي. أما المسجد فيأتي على يمين الداخل من البوابة الجنوبية هو مكان فسيح يوجد به قسم في القبو تقام فيه الصلاة شتاءً.
بعد ذلك قمنا بزيارة مصنع الدلال والتعرف عن قرب على صناعة (الدلة الحائلية) التي تشتهر بإتقان تصميها ولذلك ترتفع أسعارها. ويعد هذا المصنع رغم بدائيته من أشهر وأقدم مصانع الدلال في الخليج العربي.
بعد ذلك توجهنا إلى منتجع السمراء الترفيهي وعرفني الأستاذ مثيب على صاحبه الشيخ علي الفايز، الذي أخذنا في جولة ممتعة على ما يحتويه المنتجع فرأينا الشاليهات الفخمة الأنيقة المصممة بحسه الفني العالي والبالغ عددها 120 شاليه، والجلسات الخارجية وغرف الدائرة، ومدينة الألعاب، وحديقة الحيوان، والسوق الشعبي، وما يزال العمل جارياً لإنشاء قرية الألعاب المائية، وانتهت التصماميم لإنشاء فندق بالقرب من (موقدة حاتم) فوق الجبل، وتلفريك ينقل الزوار إلى ذلك المعلم الهام. وإذا ما اكتمل العمل في المنتجع فإنه سيكون أضخم مشروع ترفيهي في المملكة.
وأخيراً قمنا بزيارة متحف (لقيت للماضي أثر) الذي يقع جنوب قلعة عيرف التاريخية وهو للأستاذ خالد حمود المطرود، ويحتوي المتحف على العديد من القطع التراثية النادرة وهو عبارة عن مبنى تراثي يقدر عمره بأكثر من مئة عام ويتكون المبنى من أكثر من 10 غرف ومجلسين للضيافة وساحة كبيرة. ويوجد بالمتحف أكثر من 2000 قطعة تراثية وزعت على جميع ممرات المتحف حيث قام صاحبه بتقسيم الغرف الموجودة إلى عدة أقسام بحيث تشتمل على غرف لأفراد العائلة و(الماقد) يعني المطبخ.
كان يوماً حافلاً استمتعت فيه بصحبة أخي مثيب وحظيت منه بمجموعة من الهدايا الثمينة التي يضمها متحفه.
ما زال هناك الكثير من الجمال في حائل الجمال.. في زيارتي المقبلة سأتعرف عليها.