2016-07-22 | 01:40 مقالات

هل قادت المرأة السيارة ؟

مشاركة الخبر      

جلاسكو لم تتغيير.. حتى أهلها باقون كما تركناهم.. أخذت أستعيد الذكريات.. وجدت نفسي خالياً من شؤون الدراسة وشجونها.. تركت السيارة للمدام لتشبع حنينها للقيادة وتمارسها على كيفها، وانطلقت أبحث عن الباص.. فيه أكتشف هذا الأسكتلندي.. بدا لي على حقيقته.. الصغير والكبير، من يملك سيارة ومن لا يملك.. الطالب والموظف.. ذو الدخل المحدود وميسور الحال.. الكل يستخدمه .. لذا اهتموا بأن يكون دقيقاً كساعة (بيغ بن) الشهيرة في لندن. البريطانيون أهل الدقة والنظام.. نذهب إليهم كثيراً ونعود بحقائب مخروقة! تأخر الباص قليلاً.. يبدو أنني قد أصبته بعين.
هذه المرة كان موعدي مع (معلم لغة إنجليزية).. كان يقيم في إسبانيا وتحديداً في الجنوب.. قضى أكثر من 35 عاماً هناك، بدأ العمل مبكراً ربما في الخامسة والعشرين.. تركها مرغماً وأتى ليتقاعد.. قال إنه يسكن في (نايس وود) الحي الذي يعيش فيًه المتقاعدون.. ينعمون فيه بالهدوء بعيداً عن صخب المدينة وحركة السيارات.
حتى نحن نسكن في هذا الحي ساقنا القدر إليه.. لننعم بحياة هادئة.
بادرني بسؤاله عن الباص إن كان قد مر؟ فأجبته بالنفي.. قال: إنه في الغالب لا يتأخر.
سألني: من أين؟
أجبت: من السعودية.
أنت هنا في عمل؟
لا في زيارة.. كنت أدرس هنا.. وجئت لأستعيد أيامي الجميلة.
أين تسكن؟
في (نايس وود).
ما الذي جاء بك إلى حي المتقاعدين.
أملك بيتاً هناك.
جميل.. اذاً أنت معتاد على المجيء إلى جلاسكو.
مرة كل عام.. وربما تصبح مرتان.
إلى أين وجهتك؟
إلى (البراي هد).
عليك إذاً أن تعبر القناة.. (قناة كلايد).
من الأفضل أن تذهب بالسيارة.. ألا تملك سيارة؟
بلا.. ولكن تركتها للمدام ذهبت للتسوق وستأخذني من (البراي هد).
بالمناسبة، هل قادت المرأة السيارة عندكم؟
ماذا أقول له.. فكرت قليلاً قبل أن أجيبه: يصعب في الوقت الحاضر.. لدينا مشكلة في القيادة على مستوى الرجال.. من الصعب أن تقود المرأة حالياً!
بدا غير مقتنع بالإجابة. قال مقرراً: (No equality) لا يوجد مساواة بين الرجل والمرأة.
هذا ما كنت أخشاه. هؤلاء الغربيون جاهلون، يظنون أن المرأة بقيادة السيارة ستحرر.. ولا يدري أن السائق تحت أمرها يأخذها إلى كل مكان ويعود بها (منهكة).. ماذا لو فتح المجال وقادت المرأة السيارة؟
في جلاسكو تمتليء الشوارع باللوحات التي ترشدك للسرعة المحددة ومواقع الكاميرات؛ لذا لم أحصل على مخالفة طوال إقامتي فيها والتي امتدت لست سنوات، وفي أقل من شهر في جدة حصلت على ثلاث مخالفات زيادة سرعة ولم أفطن إليها.. وأشك أنني قد شاهدت لوحة تحدد السرعة وتجاهلتها.. مشكلة كثرة المخالفات المرورية وقلة وعي الأفراد واستهتارهم بالأنظمة المرورية؛ لن يحلها أسلوب الاصطياد الذي يمارسه ساهر.. ماذا لو قادت المرأة السيارة؟ ستزيد أعداد السيارات، مقابل انخفاض محدود في أعداد السائقين.. والأكيد أنه سيزيد دخل ساهر.. هل أقول ذلك ـ لمعلم اللغة الإنجليزية ـ وأقضي على أول وآخر قضايا المساواة بين المرأة والرجل التي ما زالت تشغل بال هذا المعلم والعالم الغربي معه؟.