أعداء المعلومة وصناع الفوضى في خطر
كانت وستظل المعلومة الصحيحة جزءاً هاماً في مسيرة أي عمل في حياة الإنسان "المتعلم" الواعي والمدرك لأهمية وقيمة عمله واحترامه للشريحة التي يتعامل معها من البشر .. كما أن المعلومة الصحيحة كانت وستظل أحد أبرز وألد أعداء صناع الفوضى وأرباب التعصب والرجعية.
والرياضة باعتبارها جانبا حيوياً مهماً في صناعة الإنسان لا تختلف عن غيرها من نواحي التنمية البشرية في حاجتها للمعلومة الصحيحة والدليل الملموس والنظريات المعتمدة والضوابط واللوائح وغيرها من الثوابت التي ترتكز عليها في مسيرتها.
ولعلنا في رياضتنا الوطنية .. وللأسف .. نفتقد إلى الكثير من تلك المعلومات الموثقة التي تعد ثوابت لا غنى عن وضوحها بجلاء أمام كل منتمٍ للحركة الرياضية أو متابع لها أو راغب في الاطلاع على موروثها أو صناعة مستقبلها .. إذ من البديهيات في عالم الرياضة من حولنا هو وجود إحصاء رسمي موثق ومعتمد لكل إنجازات المنتخبات والفرق والأفراد في المجال الرياضي.
وقد أدى غياب تلك القوائم الموثقة إلى ظهور العديد من الأصوات والآراء الجدلية وغير المنطقية في معظمها والتي أخذت تدريجياً في تحوير وتغيير وتشويه التاريخ الكروي الرياضي السعودي لدرجة أصبح فيها "حراج" البطولات مرتعاً لكل من هب ودب ليضع ما يشاء من رقم أو معلومة .. حتى باتت القنوات الإذاعية والتلفزيونية ومواقع التواصل الاجتماعي بل والمجالس منبراً لأولئك المزورين لتقديم ما لذ وطاب لهم من أرقام وليس على المتلقين إلا التصديق ولا غيره. لكن الأدهى من ذلك هو أنك تجد من يقوم بالتعامل مع "تهريج المزورين" باعتباره واقعاً لا يختلف عليه اثنان، إذ أن تشغيل العقل والاستفسار عن الدليل المستند عليه يعد من الممنوعات والتصرفات المرفوضة في مجتمع الفوضى وثقافة الضجيج الذي يشكل سواداً واسعاً في محيط رياضتنا.
وفي عز انزعاج العقلاء من فوضى الأرقام وتحريف التاريخ .. ظهرت لنا مبشرات عديدة كان أحدها اهتمام صناع القرار في الحركة الإصلاحية الرياضية الحديثة في منظومة العمل الرياضي الوطني .. حيث لم يغفلوا عن هذا الأمر وأهميته .. فقد تباشرنا قبل فترة من الزمن ليست بالبعيدة بإقرار لجنة لتوثيق البطولات .. والتي اعتبرها شخصياً أحد بذور الإصلاح والتطور الرياضي .. وهو ما نتوقعه من رجال الإصلاح الرياضي الحديث .. كيف لا وهم يراهنون على تغيير المستقبل الرياضي السعودي ويسعون لإصلاح ما أفسده الدهر.
وكلنا أمل وترقب في أن تخرج تلك اللجنة بالنتائج المرجوة منها بعد الاستعانة بالله أولاً ثم النظر بعين الاعتبار إلى أمانة العمل وهم كذلك كما نحسبهم .. وسنفرح حينها بإعلان القوائم التي ظلت لعشرات السنين محل خلاف بين هذا وذاك .. وحينها سيضطر العابثون بالواقع أن يجدوا أنفسهم أمام حقيقة ورقم موثق غير قابل للتزوير والعبث.
أدرك أن ظهور تلك القوائم لن يعجز العابثين في البحث عن مصدر للتشكيك تقوده أوهام وقصص وأمنيات رجعية باهتة لن يستمع لها حينها إلا من تم غسيل عقله بإتقان.
دمتم أحبة .. تجمعكم الرياضة .. ويحتضنكم وطن.