2016-08-05 | 02:50 مقالات

الكيس المحترم

مشاركة الخبر      

ها قد وصل الاحترام للأكياس هنا في (جلاسكو) كما هو الحال في سائر المدن البريطانية.. ها قد اكتملت صورة الرقي الحضاري الذي وصل إليه القوم بالمحافظة على الأكياس.. تلك التي نراها عندنا سائبة مهملة في كل مكان.. لا يكاد يخلو منها شارع.. فمرة نجدها خائفة معلقة بالأشجار.. وأخرى نراها مذعورة يقذف بها الريح في كل اتجاه. لقد حفظ القوم كرامة الأكياس فأصبح لها ثمن.. يسألك البائع إن كنت تريد واحداً أو اثنين أو ثلاثة.. فهل يمكن بعد هذا الإجراء أن نراها هائمة في الشارع؟ أظنكم قد تحمستم للفكرة ولعلكم تطالبون بتطبيقها عندنا.. حسناً، تعلوا بنا نوفر لها ما يضمن نجاحها، ويمنع مشاهدة الأكياس ملقاة في الشارع.. ثمنها الزهيد لن يغير من سلوك الناس..

ما العمل إذاً ليتحقق لهذه الفكرة النجاح؟ هل نرفع سعرها؟ هنا في (جلاسكو) تباع بخمسة أو عشرة بنسات للكيس الواحد.. أي ما يعادل 25 إلى 50 هللة بسعر صرف الإسترليني اليوم، الذي هوى لقرابة 5 ريالات. أعتقد أنها ستمثل لنا شيئاً حتى لو بقيت بهذا المعدل من السعر ما دامت مشترياتنا كثيرة، كما هي العادة.. ندخل السوبرماركت لشراء شيء واحد ونخرج بجملة من الأشياء.. هذا غير المقاضي الأسبوعية أو الشهرية المبرمجة. إذاً دعونا نجرب الفكرة لنرى مقدار التغير في سلوك الناس، ترى هل من الممكن أن نرى امرأة تخرج كيساً كانت تحتفظ به في حقيبة يدها لتضع فيه مشترياتها كما تفعل هؤلاء الأسكتلنديات؟ أو أن رجلاً يخرج مجموعة من الأكياس من شنط سيارته ليعيد استخدامها في حمل مشترياته من السوبرماركت؟.. لو شاهدنا هذا السلوك ينتشر بين الناس.. فسأصيح مثل (أرخميدس) العالم اليوناني: (يوريكا)..

أي وجدتها.. وسيسجل التاريخ أنني أول من نادى بالفكرة.. أحسب ذلك، ولا أمانع إن كان (عكاشة) قد سبقني بها فالهدف إعادة الاحترام لهذا الكيس المهان الذي (بهدل) يوم قلت قيمته. أصحاب المراكز التجارية يحتاجون إلى قرار من وزارة التجارة ليس بجواز بيع الأكياس، بل بإلزامهم بذلك مثلها مثل أي صنف آخر.. أحسب أن خطوة كهذه ستحقق فوائد عظيمة ليس أقصاها تلك الأرباح والوفورات الاقتصادية الكبيرة بل تتعداها إلى تحقيق إنجاز كبير على مستوى المحافظة على البيئة وهذا هو الأهم.