انتهى الأولمبياد .. وبقيت دروسه
يمثل ما تناولت خلال المقالين السابقين بعض الشجون التي صاحبت انطلاقة فعاليات دورة الألعاب الأولمبية ريو 2016 .. فإني سأستمر معكم لنركض في ذات المسار وفي اتجاه عتبات نهاية المطاف.. نهاية المشهد.. أو لقطة الختام التي تحدث كل أربع سنوات لتضع العالم أمام قائمة واقعية هي كشف الحساب لعمل الاتحادات الوطنية واللجان الأولمبية الوطنية في مختلف بقاع العالم..
وتبدو لي تلك القائمة وللكثيرين غيري بمثابة كشف الحساب الأكثر منطقية بعيداً عما يقال هنا أو قد تسمعه هناك..
دول تقدمت في مراكزها.. وأخرى حافظت على تفوقها .. وثالثة تراجعت في ترتيبها .. وأنا هنا أقصد الدول التي حققت وليست الدول التي تشارك عادة لمجرد المشاركة .. وكل ما عليك فعله هو الاطلاع على الجدول النهائي للميداليات وسيرشدك بدون مساعدة أحد لتتعرف على أكثر الدول إنتاجاً في مجال الرياضة .. فتلك القائمة باتت هي مؤشر "سعر السوق" الرياضي الحقيقي لكل دولة..
يقف الرياضيون في العالم أمام هذا المشهد "الختامي" ليستقوا منه ما لا حدود له من المفاهيم والدروس والعبر والتجارب .. فبنظرة سريعة لما حصل طيلة الأسبوعين الماضيين ستجد نفسك أمام العديد من المشاهد والعبر الرياضية الكفيلة بتغيير نمط تفكيرك واهتمامك بالرياضة ..
إذ لا يمكن أن يغادرنا أي أولمبياد دون أن يترك تلك الذكريات الجميلة التي صنعتها أجساد الرياضيين وعطاءاتهم المخلصة تجاه أوطانهم .. واحترامهم لرياضتهم ولمنافسيهم .. فهل سينسى من تابع أولمبياد ريو ذلك الحلم البرازيلي في كرة القدم الذي تحقق أخيراً بعد عقود من زمن الانتظار الأولمبي .. أو تحدي البريطاني محمد فرح.. أو ختام مسيرة الأمريكي مايكل فيلبس.. أو قدرات الجامايكي أولسن بولت.. أو إصرار الأردني أحمد أبو غوش.. أو طموحات السنغافوري سكولينج.. أو فرحة المصرية سارة سمير .. وغيرها الكثير والكثير من الأفعال والمشاعر التي عشنا دقائقها وتابعنا وقائعها صوتاً وصورة مع الجهات التلفزيونية والمواقع الإلكترونية التي أبدعت في النقل الرائع لكل ما حصل في ريو داخل وخارج المنافسات الرياضية.. فكان لها نصيب من النجاح في ذلك العرس الرياضي العالمي الكبير..
أعترف للقارئ الكريم أنني تعمدت في كافة المقالات الثلاثة التي كانت تخص الألعاب الأولمبية ألا أتطرق بشكل "مباشر" لواقع رياضتنا السعودية وما تعيشه من جفاء وفجوة بينها وبين تلك المنصات الدولية البارزة .. ولعل الأسباب التي منعتني من ذلك كثيرة ومن بينها ما تمر به الرياضة المحلية من مرحلة انتقالية لا يمكن محاسبتها على نتائج أعمال تراكمت على مدى ثلاثة عقود من العمل الأولمبي غير المتوازن في تركيبته الداخلية من جهة وتواضع مخرجاته من ناحية أخرى .. وثانيها عدم ملائمة المقال من ناحية السعة المتاحة من الكلمات لوصف ما يحدث لنا وتحليله بشكل علمي ثم الخروج بالمقترحات والآراء التي قد تناسب المرحلة المقبلة.. فالأمر يحتاج إلى سلسلة من المقالات الخاصة بقراءة المشهد الرياضي العام وتحليله ثم تقييمه والتعليق على ما يحصل فيه وما يمكن أن يساعده على ترك المربع الأول باتجاه المربع الثاني.
سأكون صريحاً مع نفسي أكثر.. وسأستأذنها في اقتباس خاتمة مقالي السابق.. "لو كان لي من الأمر شيء لصنعت لدورات الألعاب الأولمبية بوابة ضخمة وعلقت على علوها لافتة ضخمة سأكتب عليها.. "للجادين فقط".
دمتم أحبة .. تجمعكم الرياضة.. ويحتضنكم وطن.