2016-09-28 | 04:30 مقالات

تعارض المصالح

مشاركة الخبر      

من أشهر وأوضح علامات الفساد ومسبباته ما يسمى "‪Conflict of Interest‬" وباللغة العربية "تعارض المصالح"، بمعنى أن مصالح المسؤول الخاصة تتعارض مع مصلحة العمل أو تتقاطع معها، ولذلك لا يجوز للمسؤول الحكومي أن يمتلك أو يشارك بملكية شركة تتعامل معها الجهة الحكومية التي يعمل بها، كما تقوم الجهات التي تعتمد مبدأ "النزاهة" بمنع توظيف القريب الأول (الأب والولد والأخ)، وذلك منعاً للشبهات التي قد تؤدي لتعارض المصالح.
في بلادنا تدور شبهات كبيرة حول كثير من المسؤولين الذين تتقاطع مصالحهم مع صالح العمل، ومن أجل ذلك تم إنشاء "هيئة مكافحة الفساد(نزاهة)" لتقوم بمراقبة العمل المالي والإداري في القطاعات الحكومية وشبه الحكومية والأهلية لضمان سلامة القرارات من تأثير المصالح المتقاطعة التي قد تؤدي إلى ترسية العقود على صاحب عرض أقل أو توظيف من تأهيله أضعف أو ترقية من لا يستحق بسبب العلاقات الشخصية للمسؤول صانع القرار.
تقدمت أوروبا كثيراً في جميع المجالات بما فيها الرياضة لأنها أقرت مبدأ الرقابة العامة وجعلت المسؤول يستشعر ذلك قبل غيره دون الحاجة لهيئة "نزاهة" تكافح "الفساد"، فالمسؤول الأوروبي يجبر على الاستقالة إذا استخدم سيارة العمل الرسمية للمشاوير الخاصة، وتلك المسؤولة كاد يضيع مستقبلها لأنها استخدمت كوبون بنزين رسمي لملء سيارتها الخاصة بالوقود لأنها لم تكن تحمل معها النقود ولم تقبل المحطة بطاقتها الائتمانية، والأمثلة كثيرة جداً على تشدد المجتمع الغربي في مسألة الفساد التي يتساهل بها المجتمع العربي.
وتقدمت اليابان في الشرق لتصبح أكبر القوى الاقتصادية بالعالم بسبب السمعة النزيهة التي يتمتع بها المجتمع الياباني، وكلنا يتذكر المسؤول الرياضي الياباني الذي ظهر يبكي على شاشات التلفزيون معتذراً لأنه تلاعب بأعداد الحضور الجماهيري بهدف رفع المعدل وكسب نقاط تمنحه الأفضلية بدوري أبطال آسيا، ولعل "النزاهة" من أهم أسرار التفوق الياباني التي تعلمتها وطبقتها بشكل كبير دول تقدمت.
تغريدة ‪tweet‬
الإعلام الرياضي مطالب قبل غيره بتسليط الضوء على أي مظهر من مظاهر "تعارض المصالح" في الوسط المعني بالترفيه عن شباب الوطن وملء فراغهم، فالرياضة تمثل الاهتمام الأول لثلثي سكان الوطن الذين يمثلون عماد مستقبله، ولذلك فإن البيئة الرياضية الخالية من الفساد المالي والإداري مطلب وطني ملّح لا يمكن أن تستقيم الحركة الرياضية بدونه، وقبل عقود سمي الإعلام "السلطة الرابعة" كشريك في صناعة القرار مع السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، وهو مطالب بالقيام بدوره الذي تقوم به اليوم "السلطة الخامسة" وهي وسائل التواصل الاجتماعي التي تراقب وتحكم، وعلى منصات النزاهة نلتقي.