احترمني .. وانتخب من تشاء !!
إن المتابع للمشهد الرياضي العام في وطننا يدرك وبشكل واضح وقاطع مدى صعوبة المنعطف الذي تمر به رياضتنا وهي تسير باتجاه التغيير والتطور للأفضل.. ولعل ما يحصل من صراع في هذه المرحلة هو انعكاس طبيعي لردة فعل الفئة التي "تكسبت" واستفادت من العمل العشوائي السابق لذا فهي تقاوم هذا التغيير والاصلاح بكل الطرق الشرعية وغير الشرعية للأسف !! وما ردة الفعل الحاصلة تجاه نتائج عمل فريق توثيق بطولات وتاريخ الرياضة السعودية إلا خير شاهد على مقاومة تلك الفئة لكل ما من شأنه تطور الرياضة وربط عملها بالمنهجية العلمية..
وتأتي مرحلة انتخابات الاتحاد السعودي لكرة القدم كأحد فصول تلك الصراعات المليئة بالأحداث والعجائب والنماذج التي تمثل في مجملها انعكاساً لصورة التعاطي العام مع قضايا الرياضة .. والمتابع البسيط يدرك ما بدأت به مرحلة الانتخابات وما صاحبها من لغط ومشاحنات وتحديات وتعاط إعلامي ..
وهنا يجدر بنا أن نسأل أنفسنا .. كم هو حجم الأثر السلبي الذي سنتركه كمجتمع رياضي أثناء التعامل مع هذا الحدث .. وما هو الإرث الذي سنخلفه .. وكيف ستكون ثقافتنا في أسلوب تقديم أنفسنا عند التعامل مع هذه المرحلة .. فقضيتنا في هذا المقام ليست من سيكون الفائز ومن هو الخاسر في سباق الانتخابات .. بل إن قضيتنا هي كيف سنقدم أنفسنا في هذا المشهد ؟!
نحن أمام مراقبين كثر .. أولهم هو مخافة الله سبحانه وتعالى واستحضار عظمة الوقوف بين يديه يوم لا ينفعك مال ولا بنون .. ولا حتى انتماءك لشعار ناديك !! وثاني تلك الأمور هو مراقبة مسؤولياتنا تجاه الأجيال التي تتابعنا وتقع أعينها وأسماعها على ما نطرحه ونقدمه .. كيف سنقدم لهم مفاهيم الاقتراع والشكل الديمقراطي في ثقافة الانتخابات .. فمن أبسط حقوق تلك الأجيال علينا أن نقدم له النموذج الأمثل والأصلح للاختلاف في الرأي وتقديم آرائنا بكل نبل واحترام وأدب .. وثالث تلك الأمور هو المجتمع الخارجي المحيط بنا والذي يتابع طريقتنا وأسلوبنا في التعاطي مع أحداثنا.. انظروا للأمر ملياً وتخيلوا ماهي الصورة الذهنية التي ستصورونها عن أنفسكم ومجتمعكم أمام الآخرين !!
يا سادة يا كرام .. أدرك رغبة وطموح الكثيرين في فوز هذا المرشح أو ذاك .. ولكن !! لا تكن رغبتك في فوز مرشحك هي المبرر لك لتجاوز حقوق الآخرين والإساءة لهم !!
تذكروا أن مرشحي كرة القدم هم بشر .. لذا فإن تجريحهم أو الإساءة لهم في هذه المرحلة من الانتخابات لن يتوقف عند هذا الحد .. إذ سيمتد أثرها السلبي عليه طوال حياته .. فهو إنسان لديه مشاعر شخصية .. ولديه أسره تهتم لمصلحته .. ولديه مجتمعه الخاص الذي يراعي سمعته.. أنتم بتلك الإساءات تتجاوزون مسألة فوز المرشحين وخسارته إلى تصوير صورة ذهنية نمطية سلبية عن أولئك الأشخاص حتى في حياتهم الخاصة .. فاتقوا الله في أنفسكم وفيهم .. ومتى ما كانت مفردة "الاحترام" حاضرة في ذلك المشهد بكل معانيها فإنها ستكون بمثابة الضمان المنطقي لتقديم هذه التجربة بالكثير من الاحترافية والمنطق ..
ما سبق ذكره لا يعني أن نسكت عن التجاوزات أو الخروقات في حال "ثبت بالدليل القاطع" حدوثها .. بل يجب حينها أن نقف في وجه تلك المخالفات ولا نسمح لأي مرشح بممارسة أي دور أو خطوة مشبوهة أو مخالفة للشرع والنظام .. ولكن هذا التصدي مرتبط بثبوت انتهاك المرشح أو فريق عمله "إن وجد"..
فهل سنستطيع أن نمحو ذلك المشهد الملوث بثقافة الضجيج والذي صاحب الكثير من مراحل التطور والعمل الرياضي والتي كان آخرها جملة الإساءات والتشويه والتشكيك في الذمم.. والكذب الذي استمرأه الكثيرون للأسف ؟! أتمنى ذلك وأدعوا الله أن يتحقق .. فالبيئة الرياضية أصبحت طاردة.. فهل ستستمر كذلك ؟ أنتم من يقرر.