2017-02-26 | 01:56 مقالات

اتحاد الكرة بين بناء الثقة.. أو إثبات الفشل

مشاركة الخبر      

لن نجد صعوبة في إثبات ابتعاد منافساتنا الكروية عن ميدانها الواقعي.. وانتقالها من الملاعب إلى المكاتب في أحيان وإلى القصور في أحيان أخرى!! 

 

انتقال حمل معه ثقافة جديدة لمعاني الانتصار والفشل والتعبير عنهما.. ومع تنوع وتعدد الانتصارات والسقطات ظهرت على السطح تلك الهوية "الساذجة" التي ربطت إنجازاتها بالخشوم.. وبات معها "بعض" المشجعين السطحيين ينتظرون وبشغف انتصارات فلاشية وهمية بعيدة كل البعد عن منصات التتويج أو شباك الخصوم أو نقاط المباريات.

 

خرجت تلك الانتصارات عن مسارها الصحيح.. بل غادرت ساحة الملعب إلى خارجه.. فباتت متأرجحة بين "حب الخشوم" و"دق الخشوم".. وامتد الأمر إلى أبعد من ذلك حيث استطاعت تلك الثقافة أن تكون أحد صادراتنا إلى اللاعب الأجنبي الذي لم يكمل دقائقه الأولى في أرض الوطن.. فبمجرد إنهائه لإجراءات الجوازات يتوجه ليلتطق الصورة مع المشجعين وقد استخدم "خشمه" للتعبير عن تلك الثقافة!!.

 

جاءت قضية "عوض خميس" لتجدد ثقافة ومواويل الانتصارات الفلاشية.. جاءت لتؤكد مجدداً اهتمام مختلف الشرائح بما يحدث خارج الملعب سواء رؤساء الأندية ومسؤولوها مروراً بالإعلام وانتهاء بالجماهير.. والأمر المحير هو أن الانشغال بتلك القضية يلقي بظلاله على الكل.. نعم الكل بلا استثناء.. حتى أولئك الذين لا ناقة لهم ولا جمل في الموضوع!!.

 

وحتى أكون أكثر شمولية فإن قضية عوض ليست مربط الفرس ولا محور الخلاف.. لكنها المثال الأخير الحاضر في أذهان المتابعين وأنا أحدهم..

 

والمدهش في الأمر أن تلك الأحداث الفلاشية تسرق الأضواء والاهتمام في الوقت الذي تعيش فيه رياضتنا الوطنية تحولاً ونقلة طال انتظارها، تمثلت في وجود منظومة عمل رياضية جديدة.. وأنظمة ولوائح تشهد تغييراً وتطويراً على كافة الأصعدة.. إضافة إلى ما يحدث في الميدان الرياضي من منافسات.. فهناك منتخب وطني خرج للتو من منافسات بطولة العالم لكرة اليد.. وهنا منتخب وطني آخر ينافس بشراسة على خطف بطاقة مونديالية طال انتظارها.. وعلى صعيد المنافسات المحلية وصلت أنديتنا إلى منعطفات هامة تحدد مصيرها في بطولات الموسم بمختلف مسمياتها.. إلا أن ذلك كله يغيب لمجرد ظهور تلك القضايا على السطح.

 

وقد أخفق في إبداء الكثير من اللوم على من تركوا منافسات الملعب وتابعوا بشغف واهتمام ما يحدث خارجه.. ولكي أكون أكثر صراحة.. فأنا أحد المهتمين والمنشغلين بما يحدث خارج الملعب.. لكن مصدر انشغالي ودوافع اهتمامي هو الترقب للفوز بالمباراة الأهم، فالنظام الذي أحبه وأشجعه وأعشقه يخوض واحدة من أهم مبارياته في الموسم، إذ أن الفوز فيها لن يجعله يكسب الجولة فحسب، بل سيتأهل مباشرة إلى ما يليها من أدوار وقد انتصر لذاته ولنا!!.

 

هناك من يرى أن قضايا شائكة كقضية العويس أو عوض أو حتى إلتون، تمثل مشكلة لفريق العمل الجديد الذي يقود الاتحاد السعودي لكرة القدم.. أو حتى مركز التحكيم الرياضي، بينما أراها شخصياً من أهم الفرص السانحة لهم لإثبات قدرتهم على قيادة هذه المرحلة الهامة من تاريخ رياضتنا الوطنية من ناحية.. ومن ناحية أخرى اختبار جاهزية اللوائح والأنظمة لاستيعاب وتنظيم ما يحدث من ممارسات على الواقع.

أتمنى من كل قلبي.. أن ينتصر الحق، أياً كان المتضرر.. وأن يعاقب المخطئ أيا كانت صفته والاعتبارات الاجتماعية لشخصه.. فالأمر هنا لا يتعلق بهذا النادي أو ذاك.. أو ذلك اللاعب ومحاميه ووكيله.. إذ أن الأمر هنا يخص مستقبل رياضة وطن.. الوطن الذي يقف على هرمه رجال لا تأخذهم في الحق لومة لائم.. الوطن الذي ينام فيه المواطن على وسادة الطمأنينة وفراش الثقة بالله أولاً، ثم بمن استأمنهم ولي الأمر على قضاء حوائج الناس وإدارة أمورهم بما يرضي الله. 

 

همسة في أذن كل مسؤول رياضي .. إن قوة الأنظمة ليست بجودة صياغتها.. بل في القدرة على تطبيقها على "الجميع".. نعم الجميع وبلا استثناء!!.

 

دمتم أحبة.. تجمعكم الرياضة.. ويحتضنكم وطن.