لا تغيب أيها الأشقر!
معظم منظمات الأعمال الناجحة تستعين في بعض مراحل عملها بخبراء ومختصين يغطون جوانب النقص الحاصل في عدد أو إمكانيات القدرات البشرية التي تملكها تلك المنظمات، وهي عملية أصبحت توجهاً نمطيًّا حميدًا لا مفر منه في مرحلة ما أو أكثر.. ولا فرق في هذا الشأن بين منظمة حكومية أو أهلية.. ربحية أو تطوعية.. صغيرة كانت أو كبيرة.. إذ لا يوجد عمل بشري مكتمل 100% مهما بلغ من تطور أو ثقل نوعي في سوق العمل.
والمنظمات الرياضية هي الأخرى ليست بمعزل عن هذا التوجه السائد في قطاع الأعمال، فهي الأخرى تستعين بعدد من الخبراء والمختصين من خارج نطاق مواردها البشرية متى ما دعت الحاجة إلى ذلك، ومتى ما كانت وسيلة لتحقيق النجاح أو اختصار طريق الوصول إليه.. أو لسد نقص أو عجز في أحد تطبيقات الأعمال لديها.
ومن هذا المنطلق، فإننا نرفع القبعة والعقال لكل من كان خلف قرار رفع عدد المباريات المتاحة للاستعانة بالحكم الأجنبي؛ نتيجة ما لاحظه اتحاد كرة القدم الجديد من خلل واضح وقصور ظاهر في أداء الحكم المحلي، الذي كان أحد الأسباب "الجوهرية" لكثير من الظواهر السلبية في مجتمع كرة القدم السعودي بمختلف أطيافه داخل وخارج الملعب.
والمتابع البسيط لمنافساتنا الكروية، لن يبذل جهداً كبيراً للتعرف على الفرق في ردود الأفعال تجاه تبعات القرارات التحكيمية في المباريات التي تدار بطاقم حكام محلي، مقارنة بتلك التي يديرها الأجنبي.. فالخطأ مع الأجنبي وإن حصل فإنه يقابل ببعض الاعتراض "الخجول" الذي لا يلبث أن يتلاشى لمجرد بدء المباراة التي تليها على الأغلب.. بينما نجد أن الأخطاء الكوارثية لحكامنا المحليين تمتد لأسابيع ولن أبالغ حين أقول لسنوات.
لذا فقد ظهرت حكمة اتحاد كرة القدم الجديد في سرعة تعديل ذلك الخلل و"من أول اجتماع رسمي" لمجلس الإدارة الجديد.. وهذا تأكيد مباشر على جديتهم في معالجة تلك المعضلة التي سكت عنها الاتحاد السابق لأربع سنوات، حملت في صفحاتها ذلك الكم الوافر من الأخطاء التحكيمية.. والمظهر النوعي العجيب في شكل تلك الأخطاء.. فكانت هي السنوات الأربع الأكثر خللاً تحكيمياً كما ونوعاً..!.
ولم يكن لدى الكثيرين أدنى شك في فشل التحكيم المحلي أثناء الأربع سنوات الماضية.. بل لا أبالغ إن قلت إن مؤشرات فشل لجنة التحكيم السابقة كانت تسبق بدء عملها، والسبب هو إسناد إدارة تلك اللجنة لشخص أحترمه كثيراً لكنه فشل فشلاً ذريعاً في ميدان العمل حين كان حكماً، ولا عجب أن يستمر على ذلك الفشل؛ ففاقد الشيء لا يعطيه.
أما أولئك المطالبون بمنح الفرصة للحكم المحلي في تحكيم مباريات كرة القدم؛ فعليهم أن يساعدوا أولئك الحكام المحليين على تقديم أنفسهم بشكل مميز في اللقاءات الممنوحة لهم.. ويتخلصوا من سلبياتهم "الكثيرة" إذا كانوا فعلاً جادين في التطور.. ومن هنا وحتى ذلك الحين سنردد: أهلاً بك يا أجنبي..!.
وعلى أساس الوصف الدارج للأجنبي الغربي وهو "الأشقر"، فإنني أرفع صوتي منادياً: لا تغب عنا أيها الأشقر.. فمنافساتنا الكروية لا تزال تحتاج إلى المزيد من الهدوء والمنطق.. بل ما المانع من اتساع دائرة الاستعانة بالأشقر في باقي اللجان ووحدات العمل متى ما كان وجوده سيعجل من عجلة التغيير، ويمنحنا الفرصة الأكبر في السيطرة الفنية والإدارية والمالية على منافساتنا المحلية وجميع ما يحيط بها من أحداث وممارسات داخل وخارج الملعب.. إلا إذا كان للمواطنين رأي آخر ورغبة "جادة" في القيام بإصلاح لوائح وتطبيقات وممارسات أنظمة وقوانين كرة القدم.. فهذا ما يتمناه معظمنا بلا شك.. وأنا أولهم.
دمتم أحبة.. تجمعكم الرياضة.. ويحتضنكم وطن..