2017-04-16 | 03:01 مقالات

الاستثمار في الكراهية..!

مشاركة الخبر      

 

منذ بداية حياتي الدراسية الأولية، وأنا أقف أمام عبارة "من زرع حصد".. قرأتها في حائط المدرسة.. وسمعتها من المعلم.. وقدمها طلاب الإذاعة.. كبرت.. ولاحقتني تلك العبارة في مختلف مراحل الدراسة.. وكانت تلك العبارة قد ارتبطت في ذهني بالعمل الإيجابي، ولم تكن تحمل إلا معنى واحدًا بالنسبة لي، وهو أن الجد والاجتهاد سيتوجان حتماً بالنجاح.. كان ذلك هو تفسيري الأولي لتلك العبارة.. لكني اكتشفت فيما بعد أن الزرع في تلك العبارة لم يكن يقتصر في معانيه على الخير فقط، إذ إن زراعة الشر هي الأخرى اقترنت بحصد الفشل والخيبة!!.

 

حين تابعت في صغري منافسات كرة القدم بدأت تلقائياً بربط ذلك المثل الشهير مع ما أشاهده أمامي وأسمعه وما يحيط بتلك المنافسات من أحداث وتبعات داخل وخارج الملعب.. لم يكن بالنسبة لي أمراً صعباً أن أميز ارتباط النجاح بزراعة الخير والاحترام والاحترافية..

 

لكن ما أثار استغرابي وفضولي هو ذلك المشهد الذي جسد أدواره فئة امتهنت الإساءة.. أفرادها هم أولئك الذين يزرعون "الشر" عمداً.. يتنفسون الكراهية.. شهيقهم التعصب.. وزفيرهم البغض.. يتغذون على "نظرية المؤامرة".. وينامون على ذمم امتلأت باتهام عباد الله.. ويصبحون على أكل أموال الناس بالباطل..

 

وقد تجسد هذا الأمر في مختلف مراحل قبل وأثناء وبعد المنافسات الكروية.. فعلى صعيد المنافسات تجدهم يسعون إلى استفزاز خصومهم.. والإساءة إليهم.. والسعي نحو الكسب حتى إن كان بطرق غير شرعية.. حتى وهم ينتصرون فإنك تجد تعبيرهم عن الفرح يتجه نحو الإساءة لخصمهم وتقزيمه أكثر من فرحتهم الداخلية لأنفسهم..!.

 

أما حضورهم الإعلامي فقد صبغ بثقافة الضجيج واتسم بها في مختلف منعطفاته.. ينتصر فيسيء لغيره.. ويخسر فيتهم الآخرين ظلماً وبهتاناً.. صوتهم الإعلامي طغت عليه نظرية المؤامرة وارتبط بثقافة الضجيج..

 

استقطاباتهم هي الأخرى لم تسلم من تلك الثقافة.. فالأمر لديهم أقرب إلى التحدي والعناد من كونه توجهاً فنيًّا لسد ثغرة في الفريق أو تعزيز الصفوف بنجم يضيف قيمة فنية للفريق.. المسألة لديهم هي امتداد لنظرية "دق الخشوم" أكثر من كونها ممارسة الحق في الاستقطاب في سوق الاحتراف الكروي..!.

 

تمر السنون.. ويتناقلون نفس الثقافة جيلاً بعد جيل.. والعجيب أنهم لم يجدوا من يسألهم عن مخرجات ذلك الاستثمار في الكراهية.. أتساءل بكل تجرد: هل هم مقتنعون فعلاً أن ما يزرعونه سيثمر لهم نجاحاً يفخرون به؟! هل هم مقتعون فعلاً أن ذلك الزرع هو ما سيجعلهم راضين عن أنفسهم وعما أمرهم الله به من بذل وعمل خالٍ من الإساءة إلى عباد الله..؟!.

 

والسؤال الأهم: متى سيقتنعون أن الاستثمار في الكراهية لا ينتج عنه إلا الفشل والخروج بأكبر قدر من الذنوب..؟!.

 

ومن هنا إلى ذلك الحين.. سأستمر أصفق لكل من زرع خيراً.. واستثمر فيه.. فهم الجديرون بالحب والولاء والانتماء.. 

 

دمتم أحبة.. تجمعكم الرياضة.. ويحتضنكم وطن..