2009-09-08 | 18:00 مقالات

( الموت 1ـ 2)

مشاركة الخبر      

 (رواية الموت) للكاتب فلاديمير بارتول ـ من إصدارات دار الزمن في لندن ـ ترجمة فاطمة النظامي، تحكي عن أحداث تاريخية حقيقية وقعت في بداية 1094 ميلادي لزعيم فرقة باطنية هو حسن بن الصباح الذي هرب من القاهرة إبان حكم الدولة الفاطمية، وقام بتأسيس مملكة داخل قلعة اعتمد فيها السيطرة على أتباعه بالطاعة العمياء، وهدد الممالك المجاورة بالاغتيالات، وأصبح بعبعًا مخيفًا للممالك الإسلامية، ووصل في قراءته وأبحاثه وفلسفته إلى حب الزعامة والوصول إلى مفاهيم فلسفية يخلط فيها بين الحقائق الدينية والأساطير المزيفة.. ونجح في تكوين الشباب واستقطابهم، وتكوين فرق فدائية منهم تعشق الموت، وتجندل الجيوش المقابلة، وتهزمهم حبًّا للموت، وطمعًا في الجنة.. أمّا هذه الجنة فهي جنة حاول فيها المشعوذ حسن بن الصباح محاكاة الجنة الحقيقية، فاستغل منطقة طبيعية جميلة، وأوجد فيها أنهارًا وجداول وفسيفساء وألوانًا وزهورًا وأشجارًا يانعة وفواكه وطيورًا وحدائق غنّاء، والأهم في ذلك أنه وضع فيها تشكيلة من أجمل الفتيات الجميلات، ووضع كل ذلك في سياج يصعب الوصول إليه، وتحت حراسة شباب أخصاهم ليقوموا بالحراسة والعناية لهذه الجنة المزعومة، وبدأ يرسل لها الشباب بعد تخديرهم بالحشيش إلى درجة الإغماء عليهم، ثم يصحون وسط هذا النعيم المزعوم، ويجدون أنفسهم مع الحسناوات والفرش الوثيرة، والأكل الجيد، وبعد هذه المتع يتم تخديرهم، ويعادون إلى الحياة الحقيقية، فيروون لأقرانهم ما عاشوه، وأن الزعيم الأعلى قادر على إرسالهم إلى الجنة، والاستمتاع بها، ثم العودة للحياة، فشاع ذلك وبدأ الأهالي يرسلون أولادهم إلى جيشه، وتزايدت قوته، وكوّن فرق اغتيالات انتحارية لمن عاداه، وكان صديقًا لعمر الخيام، ووصل إلى حد ادّعائه النبوة، وأنه المهدي المنتظر.. يتبع نواصل في هذا المقال ماذكرناه عن رواية آلموت حيث عندما يتمعن القارئ لهذه الرواية والأحداث التي مرت بها يرى التقارب الكبير في الفكر والاستراتيجية في الاعتماد على الشباب، وتكوين فرق من الانتحاريين الذين لا يهابون الموت، ويستهدفون الأعمار ما بين 15 ـ 25 سنة، ويكون الهدف هو الجنة، والحور العين، حتى ترى المنتحر يقدم على الموت دون تردد.>ويقتل الأبرياء، ويفجّر المدنيين حتى لو كان فيهم نساء وأطفال، ويكفّر والديه، ويخرج على طاعات ولي الأمر، وكان يسعى للخراب والإرهاب والدمار من أجل فكرة الانتحار والحور العين التي يزرعها زعماؤهم، وهؤلاء الزعماء لا يذهبون، ولاينتحرون، ولا يحرصون على الجنة.
بل إن في بعض أدبيات جماعات التكفير والتفجير لا يرون بأسًا من استخدام الشباب لحبوب الكبتاغون المنشطة، حيث تجعله أكثر جرأة وحماسًا للقتل والإقدام والإجرام.