بطولات الخليج.. كفاية فوضى
دورة كأس الخليج لكرة القدم كانت هي النواة الأولى لوحدة أبناء الخليج منذ انطلاق نسختها الأولى بمملكة البحرين الشقيقة قبل نحو 40 سنة، وكانت أيضاً النواة الأولى لتأسيس منظومة سياسية هي مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
ـ فنياً كانت دورة الخليج لكرة القدم خيار دول المنطقة الوحيد للمنافسات الرياضية الخليجية.
ـ بالطبع لا يستطيع أي متابع ومراقب أن ينكر أن هذه الدورة ساهمت كثيراً في وحدة أبناء الخليج وارتفاع المستوى الفني للمنتخبات الخليجية الكروية، لكن السؤال هو.. هل استنفدت دورة الخليج أهدافها ودورها وتجاوزت أعباءها لتأتي بطولات رياضية خليجية لتضيف أعباء جديدة على كافة دول المنطقة؟
ـ صحيح أننا في مرحلة سابقة كنا كخليجيين بحاجة إلى دورة الخليج، وإلى غيرها من البطولات النوعية وبالتالي تعددت مظاهر الالتقاء بين أبناء الخليج وصولاً إلى تأصيل هذه العلاقة واللحمة بين أبناء المنطقة.
ـ لكن الأكثر صحة أن أصواتاً بدأت تتساءل: هل ما زالت مقولة (ما تفسده السياسة تصلحه الرياضة)؟ بالمعاني والمضامين والدلالات التي تحملها هذه المقولة؟ أم أن العكس هو الصحيح بأن (ما تفسده الرياضة تصلحه السياسة) في مفارقة عجيبة وتحولات غريبة فرضتها طبيعة المنافسات وطبيعة المرحلة والمزاج الرياضي العام الذي ارتفع مستوى حدته.
ـ بالتأكيد سنبقى (أبناء الخليج) بدون أن تستمر (دورة الخليج) وكأن هذه الدورة سبحان الله هي المظهر الوحيد الذي سيوحد أبناء الخليج دون غيرها من البرامج والأنشطة في التربية والتعليم والثقافة والإعلام والاقتصاد والفنون والآداب والسياحة.. بعد أن أصبحت المنافسات الرياضية بين دول المنطقة قد ساهمت في تأزيم المواقف والمظاهر البعيدة عن الروح الرياضية والمنافسات الشريفة.
ـ وهو الأمر الذي يستدعي ضرورة مطالبة القيادات الرياضية الخليجية بإلغاء البطولات الرياضية الخليجية تماماً إذا كانت هذه البطولات ستستمر في زيادة حالة الاحتقان والتوتر والشغب والفوضى والخروج عن قيم المنافسات الرياضية الشريفة بالصورة التي شهدتها مؤخراً مباراة النصر السعودي بالوصل الإماراتي في زعبيل.
ـ خلاصة الكلام بأن دورة الخليج (تحديداً) من الناحية (الفنية) لم تعد تشكل أية إضافة (فنية) للكرة الخليجية.. وبالتالي لم تعد دورة الخليج أو غيرها من البطولات على مستوى الأندية والمنتخبات تساهم في توفر بيئة رياضية تنافسية صحية ولم تعد تساهم في تقوية علاقات أبناء الخليج وتعميق قيم التواصل والالتقاء والتقارب.. فوحدة أبناء الخليج أصبحت واقعاً ملموساً من خلال مظاهر سياسية واقتصادية واجتماعية وإعلامية وثقافية وسياحية بعد أن أدت (الرياضة) ودورة كأس الخليج على وجه التحديد دورها خلال مرحلة سابقة والتركيز على البطولات والمسابقات الآسيوية وبعد أن وصلت المنافسات الرياضية الخليجية إلى مرحلة لم تعد فيها هذه البطولات والمسابقات قادرة على توفير بيئة رياضية تنافسية تسهم في رفع المستوى الفني أو على الأقل السيطرة على مظاهر (الفلتان) والفوضى التي تشهدها حالياً (بعض) ملاعبنا الخليجية.