المستقبل بعد نتائج الصين
النتائج التي حققتها منتخباتنا الثلاثة: الفروسية، وألعاب القوى، والكاراتيه.. بحصولها على (13) ميدالية كإنجاز رائع للرياضة السعودية كان محل تقدير الشارع الرياضي السعودي. والحق يقال بأننا أصبنا بالإحباط في الأيام الأولى للدورة لعدم تحقيق أي إنجاز، ونشوة الفوز والإنجاز جاءت على محيا الأمير نواف بن فيصل بن فهد رئيس وفد المملكة في جوانزوا بالصين في الألعاب الآسيوية في الأيام الأخيرة للدورة.. بعد أن حققنا (13) ميدالية كإنجاز رائع لأبطالنا. ومن وجهة نظري أرى أن الإنجاز جاء من قبل الاتحادات الفردية التي تعمل بشكل احترافي بحت.. من خلال العمل المنظم لتلك الاتحادات في نشاطاتها الداخلية أو برامجها الخارجية أو متابعتها لأبطالها. من يعمل في مجال الرياضة يعرف أن صنع بطل أمر شاق وصعب في ظل ظروف مجتمع يقدر الرياضة ولكنها ليست من أولوياته، وتلك الاتحادات بعملها المنظم الاحترافي عملت لسنوات وليست لسنة، بل إن الفروسية عملت وفق استراتيجية واضحة معلومة لدى اللاعبين منذ سنوات وكذلك ألعاب القوى والكاراتيه، فالفروسية تجد الرعاية الكاملة من القيادة السياسية والرياضية على حد سواء، فرئيس الاتحاد الأمير نواف بن فيصل الذي طبق نص الاستراتيجية الحديثة على عمل الاتحاد، وبدعم من الأمير فيصل بن عبدالله بن محمد آل سعود أمين مجلس الفروسية. والاتحاد السعودي لألعاب القوى يرأسه الأمير نواف بن محمد الرجل المبدع والمحب للعبة والتحدي، فله وقفة جادة وبصمة في كل إنجازات الاتحاد منذ عام 2000م تقريبا، والكاراتيه يرأسه الدكتور إبراهيم القناص.. وهو أكاديمي متخصص وابن من أبناء وأبطال اللعبة، فنقل تجربته كبطل إلى تخطيط في أرض الميدان، فلم يهمل التخطيط المنظم أو يتخبط في برامجه، ويشارك في بطولات خارجية منظمة ذات أهداف مرسومة، ويدير نشاطه الداخلي بإشرافه والمتميزين معه، والواقع يقول إن لعبة كرة اليد تشرفنا منذ سنوات بإنجازات مشرفة، وغابت وظهرت بصورة غير متوقعة في هذه الدورة، أما باقي الاتحادات الـ(15) المشاركة فلم تحقق أي أرقام تستحق الذكر سوى أنهم حظوا بشرف المشاركة، والدورة أقيمت منافساتها في (50) رياضة، وما حققناه لايقاس بالطموح وما قدم للرياضة السعودية، وأرى بأن متى ماظهر التخطيط الاستراتيجي لدى العاملين في الاتحادات الرياضية تمحور العمل كله حول اللاعب، لأن عمل الاتحادات الرياضية لدينا للأسف الشديد تمحور حول الإداري وأين يسافر ومتى وأين وكيف، أما اللاعب فهو في آخر الاهتمامات، ولأن ممارسة الرقابة مفقودة بل لاتوجد لها آلية مرسومة ومعلومة في عملنا بالاتحادات الرياضية لعدم وجود الاستراتيجية، بمعنى ماذا نريد ومتى سنصل إلى مانريد، وما هي الأهداف التي ينبغي تحقيقها، بل ماذا فعلنا حتى نقيم لدينا تخبطات ووعوداً واهية من الاتحادات الرياضية تعلن عن استراتيجيات لايوجد لها شيء على أرض الواقع.. كما سمعنا مشروع السباحة البطل الأولمبي 2008 م ونحن الآن في 2010 وقس على ذلك، فأين السباحة السعودية؟ ولأن الأمير نواف بن فيصل قد ذكر أهمية الاستفادة من برنامج البطل الأولمبي، وأن البطل يعد في المدارس منذ نعومة أظفاره، ويؤمل خيرا في وزير التربية والتعليم الذي يعمل بصمت ونظرة للمستقبل الواعد للرياضة والصحة الشاملة للطلاب، فقد أعلنت الوزارة عن خطة استراتيجية طموحة على مستوى عالمي.. من خلال الاستفادة من أفضل المؤسسات العالمية المتخصصة في أمريكا وأستراليا وبريطانيا والسويد وسنغافورة، لوضع خطط جديدة طموحة، واختيار الكوادر المتميزة المتخصصة في المملكة من جميع القطاعات، ورسم خطط قصيرة وبعيدة المدى.. لا أشك أنها موجودة في أي بلد عربي، وما هو معمول به حاليا في الوزارة سيكون نقلة نوعية للتربية البدنية والرياضة المدرسية السعودية، وستكون نتائجها مبهرة ومقنعة لمحبي الرياضة السعودية وعلى رأسهم الأمير سلطان بن فهد والأمير نواف بن فيصل، وبقي شيء مهم أن تقوم اللجنة الأولمبية العربية السعودية بخطوات عاجلة وسريعة من خلال تبني الاستراتيجيات التي تقوم بها الاتحادات الرياضية الثلاثة الفروسية، وألعاب القوى، والكاراتيه، والتي في الواقع تطبق استراتيجيات رائعة، فمن يشاهد الفروسية يرى أن اللاعبين طوال العام في برامج داخلية وخارجية دولية، واللاعبون المميزون مفرغون من أعمالهم، وكذلك لاعبو ألعاب القوى، معسكرات تمتد على مدار العام، وبطولات هنا وهناك، والكاراتيه عمل منظم وبطولات منتقاة، لأنه بدون العمل المنظم وتفريغ اللاعبين والدعم المالي لن تكون لدينا رياضة عالمية، ويدرك كل رياضي أن الأولمبياد هي المقياس الحقيقي لأي رياضة وليست البطولات الخليجية أو العربية، وكشفت هذه الدورة المستوى المتواضع لحال رياضتنا، وحري بالمديرين الفنيين بالاتحادات المحلية التقليل من البطولات المحلية الداخلية التي لا يستفيد منها سوى الحكام فقط، والتي بعيدة كل البعد عن المستوى الفني المطلوب وأهمية ترشيح رؤساء الاتحادات الرياضية ممن خدموا اللعبة ومارسوها وليس لمن لديه علاقة وود مع مسئول في اللجان المشكلة للاتحادات الرياضة، لدينا مواهب قتلت في الاتحادات لعدم تقدير الموهبة، والرئاسة ووزارة التربية والتعليم بطموح الأمير نواف وإدراك ونضج وبعد نظر وزير التربية من خلال التخطيط للتربية البدنية والرياضة المدرسية، سيكون هناك شأن في إعادة صياغة الرياضة السعودية، وأن لانحلم بميداليات في أولمبياد لندن لأنه قد لايتحقق إلا من الفروسية.. والله أعلم.