2009-01-09 | 18:00 مقالات

هذا عزاؤنا

مشاركة الخبر      

لا نشن حرباً على المدنيين.. يقولها الإسرائليون دون خجل ولا حياء أمام صور مأساوية للقتل والتدمير والرعب والجوع تظل تتجدد تحت هجوم جوي وبحري وبري في استعراض جبان لواحد من أقوى جيوش العالم كما يقول الخبراء العسكريون. هذه الصور التي تظهر بشاعة القتل للأبرياء من المدنين أغلبهم من الأطفال والنساء تتقطع لها نياط القلب ويقطع بها قول كل خطيب.. فماذا ترانا نقول؟!
لن نركن للبكاء حتى وإن تجاوزت أعداد الشهداء الـ700 والمصابون بلغوا 3100، في حالات لا يمكن وصفها بالجروح لأن السلاح اليوم لم يعد سيفاً ولا رمحاً ولا حتى رصاصاً يخترق الأجساد.. إنه سلاح يفتت أعمدة الاسمنت ويصهر الحديد فكيف - بالله عليكم - سيفعل بهذا الإنسان الضعيف المخلوق من ماء وطين؟!
لن نركن للبكاء رغم هذا الجبروت والظلم والعدوان.. ولكن لنردد في يقين بنصر الله: صبراً أهل غزة فإن موعدكم الجنة، وموعدهم النار.. والصبح آت.
هذه خيوط الفجر تلوح في أفق سماء غزة وفرق جيش العدو الصهيوني بدباباتها ومدرعاتها وجنودها المدججين بأحدث سلاح أمريكي وبعد أن تحركوا في الليل البهيم تتقدمهم كلابهم التي ظلت تنبح وهي ترى الشياطين تؤزهم أزاً.. ها هم جبناء الحرب يأخذون مواقع بعيدة عن ساحات الوغى خوفاً من جيش محاصر مسجون لا يملك سوى القليل من العتاد، غير أنه يملك روح الجهاد.. وحب الاستشهاد!
ويبدأ القصف من الجو والبر والبحر على غزة ليتوالى سقوط الشهداء من المدنيين.. والإسرائليون ما زالوا يدعون أنهم يتجنبون المدنيين ويصيبون الإرهابيين من (حماس) وما دروا أن الشعوب العربية والإسلامية كلها (حماس) لطردهم وتشريدهم من جديد.
نعم لقد جاء الفجر واقتربت ساعة الموت للفوج الأول من جنود الصهاينة الذي سيرحلون إلى جهنم وبئس المصير.. أصوات الديكة ترتفع فوق أصوات القصف.. الملائكة تنزل.. مشهد تقشعر منه الأبدان.. فقد التقى الفريقان، وسقط النفر الأول من الجيش المجهز الجبان بعد أول نزال على الأرض!.. إنه الاختبار الحقيقي للبطولة، وها هو العدو يتراجع من جديد إلى الوراء ليترك الأمر للطائرات والبوارج البحرية لتقاتل بدلاً عنه وتوجه ضرباتها الجنونية على كل شيء دون تمييز ليسقط مزيداً من الأطفال والنساء والرجال البسطاء.. شهداء!
لا زال الجنود الإسرائليون رغم كل ما يملكون من عتاد جبار خارج نطاق المواجهة الموسعة مع أبطال فلسطين البواسل بعد أن وجدوا طريقهم مفروشاً برجال هانت عليهم الدنيا وابتغوا الآخرة.. ها هو أحدهم يرمي بزيتونات - مكرراً ما فعله جدنا الشهيد في سبيل الله الصحابي الجليل عمير بن الحمام - ليقول: لئن أنا حييت حتى آكل هذه الزيتونات.. إنها لحياة طويلة، ثم يرمي بنفسه وسط فرقة إسرائيلية مدججة بالسلاح فيفجرها ويقتل ويجرح منهم أعداداً كبيرة، ثم يمضي حيث أراد.. الجنة يا عباد الله.. سلعة الله الغالية.. تلك التي فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
إنها همة أمة قررت أن تستعيد أرضها ومقدساتها وكرامتها، فحرام أن تموت بخضوع وخنوع لأقوام يحرصون على الحياة حرصنا على الشهادة في سبيل الله.

خير الكلام
(ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون، فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون).