2009-01-23 | 18:00 مقالات

موقف الشجعان

مشاركة الخبر      

ربما جاء خطاب الملك عبد الله حاملاً أقصى ما كان يأمله المواطن العربي لموقف موحد تدعى إليه الأمة للدفاع عن قضاياها والتعاون المثمر بين دولها. ولعل ذلك الخطاب المختصر المحكم في صياغته قد فاجأ كل المترقبين للقمة العربية الاقتصادية، ولكنه لم يفاجئ السعوديين لأنهم يعرفون من هو عبد الله بن عبد العزيز.. الملك المسلم المؤمن بمنهج أهل السنة والجماعة.. العربي المحب للخير.. الإنسان.. صاحب القلب الرقيق.. صاحب اليد الممتدة بالإحسان.
موقفك أيها البطل في اجتماع القادة العرب كان موقف الشجعان.. أعلنت فيه وقوفك وشعبك ضد هذا العدوان الحاقد على غزة.. اتهمت فيه إسرائيل بأبشع القول.. وصفت قيادتهم بالعصابة، ولم تكتف بل رحت تهددهم وأنت الحليم دائماً.. المتزن في خطابك.. قلت لهم بكل وضوح بأن باب السلام المفتوح لن يظل طويلاً، والحرب هي الوجه الآخر للكرامة.
هناك من توقع موقفاً معاكساً أو رأياً محايداً تفرضه ظروف الشرخ الواسع في الصف العربي وتغليب العلاقات والتحالفات الثنائية في التعاون بين الدول.. وهؤلاء يبدو أنهم لم يدركوا مكانة القضية الفلسطينية في قلوب السعوديين قادة وشعباً.. ربما نسي هؤلاء ما قدمته وما زالت تقدمه المملكة لفلسطين ولكل العرب والمسلمين.
لا بأس فالعطاء السعودي والدعم السياسي والاقتصادي للأمة ليس تاريخاً عابراً بل هو حاضر متجدد يظل باقياً في ذاكرة الأجيال، وها هو اليوم يعلو في الكويت صوتاً ينادي الأمة لنبذ الخلاف ولم الشمل.. إنها الأخوة الحقة تتجلى في شجاعة تحمل الجميع المسؤولية ولا ترمي باللائمة على أحد.. إنها الخطوة الأهم.. ليس فقط لتوفير مناخ أخوي صحي للتعامل مع أحداث غزة بل للانطلاق بسفينة العرب وسط هذه الأمواج المتلاطمة في بحر التحديات العالمية إلى شواطئ الأمن والرخاء والحياة الكريمة للشعوب العربية والإسلامية.
هذا زمن التكتلات وليس زمن التفرد والانقسامات.. وأنت أيها الملك الحكيم تدرك مصالحنا بإنسانيتك في الوقت الذي يفشل فيه الماكرون ومدعو الدهاء!
كانت ومازالت المملكة العربية السعودية مع المقاومة الحرة للشعوب.. وهي اليوم مع هؤلاء الأبطال الذين يدافعون عن كرامة المسلمين في فلسطين ويسطرون أروع قصص الفداء والتضحية بالنفس والمال لدحر اليهود المعتدين وإخراجهم من أرض فلسطين.
وها أنت أيها الملك القائد تثلج صدور كل العرب والمسلمين بإعلانك عن تبرع بلادنا الوفية لأمتها بمليار دولار لإعادة إعمار غزة وتعويض سكانها وتهيئة وسائل العيش الكريم لهم ودعمهم لمواصلة طريقهم نحو النصر المؤزر على الأعداء.
كل ما نتمناه أن تجد هذه الأموال وكل أموال المسلمين المخلصين (معبراً) آمناً لتنفق كاملة على أهل غزة المرابطين الذين قدموا أرواحهم قبل أموالهم دفاعاً عن كرامة الأمة، وحفاظاً على حقوقها المشروعة.
أيها الملك الإنسان.. شكراً لك فقد دحرت كيد الشيطان ورفعت رؤوسنا.