2009-09-25 | 18:00 مقالات

حلم اليقظة

مشاركة الخبر      

بلا وضوء ذهبت إلى فراشي تلك الليلة لأرى في المنام أنني آخذ بيد ابنتي ذاهباً بها إلى حيث الزوج المنتظر!
لم نكن وحدنا.. كانت هناك مجموعة من النساء ينتظرن جئنا لنفس السبب!
سألت مجموعة من الفتيان.. ربما كانوا ثلاثة عن عمر (المحروس)!
فأجاب أحدهم باعتداد: عمي (سعيد) عمره سبعين!
واستيقظت بعدها ضائق الصدر.. ولم يخرجني من دائرة الهم حقيقة ذلك البعد الواسع للحلم!
هل ترى لأنني أدرك أن أحلامنا تعكس غالباً ما نعيشه في اليقظة؟!
لكن الحقيقة - يا صاح - تبدو هنا أقسى من الحلم!
ربما جاءت هذه الرؤية لتوقظني من ذلك التجاهل العجيب لها!
ترى ما الذي يدفع رجلاً أن يذهب بقرة عينه وشعر وجه ليسلمها لعجوز سبعيني؟!
أين الشباب؟!.. لماذا لا يقبلون على الزواج؟!
إنه السؤال الذي يحمل الجواب عليه تفسيراً لتلك الرؤية المزعجة.. لذلك (الكابوس)!
يا مفسري الأحلام، الزواج بات اليوم قراراً مؤجلاً لكثير من الشباب.. يحدد الإقدام عليه وتحديد موعده الدخل الكافي.. وأغلب الوظائف في السوق لا تزيد عوائدها كثيراً عن تلك المكافأة التي يحصل عليها الطالب الجامعي!
وحتى لو سلمنا جدلاً بأن نسبة كبيرة من العائلات تساعد أبناءها في توفير متطلبات الزواج إلا أن الأمر لا ينتهي عند حد تكاليف ليلة العرس، فما يزال هناك إيجار بيت ومصاريف معيشة وسيارة وأطفال.. والراتب الهزيل - الذي يكافئ ما يدفعه بعض المقتدرين شهرياً لتعليم أحد أبنائه في بعض المدارس الخاصة - لا يمكن أن يفي باحتياجات عازب فضلاً عن أن يفي باحتياجات أسرة!
المشكلة الأساسية مادية، ومبالغة بعض الأسر في الطلبات عند تزويج بناتها لا تمثل ظاهرة!
الظاهرة الحقيقية هي انخفاض الأجور، وبلا تحديد حد أدنى مقنع لها فلن تحل المسألة، وستبقى العمالة الوافدة ذات حظوة لدى المواطن المستثمر الذي لن يتنازل عن هامش من أرباحه من أجل عيون الوطن!
وسيبقى هؤلاء الشباب عاجزين مادياً.. مفتقدين لما يساعدهم في الإقدام على أهم مشروع في حياتهم!
وفي المقابل ستظل البنات في البيوت، وستزداد نسبة العنوسة.. ولنا أن نتصور ما يمكن أن يجره وضع كهذا من تبعات.. ربما يكون أقلها وطأً أن تأخذ بيد ابنتك العزيزة لتسلمها زوجة لرجل في سن جدها‍.